نتنياهو «دَفَنَ» المبادرة العربية.. ماذا أنتم فاعلون؟
&
&
&
محمد خروب
رغم التطورات المتسارعة والمتلاحقة بل والكارثية, التي بدأت «تتظهّر» في فضاءات المنطقة المختنقة بغبار المعارك وهدير الطائرات وقذائف المدافع وإزهاق الارواح, ورغم ما تتبدى «الفُرْقَة» العربية في اسوأ حالاتها بل وانحطاطها, على نحو لا يخجل فيه كثيرون من الذهاب الى نهاية الشوط, وإمتطاء كل عادات الثأر وتصفية الحسابات, المحمولة على حِقْد مُقيم وفي معظمه شخصي, حتى لو أودى ذلك بمصالح الامة وأسقط أمنها القومي, واطاح على نحو نهائي بالمشروع القومي, الذي هو في النهاية ومهما كابر المُكابرون, أو استعلى المُتعالون المُزيّفون أو زمجرت الذئاب, التي تتخفى بأقنعة تشبه بني البشر – ولكن على النسخة الأسوأ – سيبقى (المشروع القومي) هو قارب الانقاذ وسترة النجاة من هذه الفوضى التي تضرب في بلادنا وعلى تخومها, والتي لا تستهدف غير تعميق تبعيتنا وارتهاننا لمشروعات الاستعمار (قديمه والحديث), ودائماً في إذكاء روح العداء المذهبي والطائفي والعِرقي وإعادة تعريف العدو وخصوصاً في إسقاط اسرائيل من قائمة الاعداء باعتبارها صديقاً أو جاراً بل حليفاً استراتيجياً, وشريكاً في محاربة من اخترعناه عدواً أو بالغنا في تصويره وكأنه الخطر الماثل الذي اذا ما ازلناه, فإن أمتنا ستنجو من التبعية والتخلّف والاستهداف, وستستعيد حقوقها المسلوبة وكرامتها المهدورة ودورها المغتصب, على نحو بتنا فيه, ليس فقط «رجل» المنطقة المريض, بل الشعوب الأكثر ترشيحاً للخروج من التاريخ والجرافيا على حد سواء.
ما علينا..
نقول: رغم كل ما يحدث في المنطقة, ورغم ما تحفل به يوميات الصراع الفلسطيني الاسرائيلي, من وقائع ومواجهات وسجالات وجدالات, لا تبدأ فقط في سحب الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم طلب تجميد عضوية اسرائيل في الفيفا, على نحو صادم وغير مُبرر حتى في تفسيراته المُرتبكة, ولا تنتهي عند تبجّح حكومة العدو بأنها «جمّدت» قرارها بمنع الفلسطينيين من الصعود الى حافلات المستوطنين, فإن بنيامين نتنياهو الرابع (بمعنى الذي يُواصل وظيفته كرئيس للوزراء لأربع فترات متتالية) خرج علينا رئيس الحكومة الاكثر تطرفاً ويمينية وكراهية للفلسطينيين (في الداخل وفي الضفة الغربية المحتلة) دافناً مبادرة السلام العربية التي اطلقها عرب الالفية الجديدة قبل ثلاثة عشر عاماً (2002) واصفا اياها بأنها لم تعد تتلاءم والتطورات في المنطقة. تصريح نتنياهو رغم انه يبدو مُقتضباً وقصيراً, إلاّ انه اكثر من واضح واكثر من صريح واكثر من واقعي.. فليس بعد قوله هذا عتب او لوم يُوجّه له، فالرجل الذي قال في «عِز» حملته الانتخابية انه لا يؤيد حل الدولتين ولا يمكن ان يُوافق على قيام دولة فلسطينية مستقلة (ولهذا انتخبه الاسرائيليون بفارق اربعة مقاعد عن تحالف هيرتسوغ–ليفني على عكس كل توقعات استطلاعات الرأي)، يقول الان للعرب (كل العرب) ان مبادرتكم قد تجاوزها الزمن, وأنها باتت ضحية «التقادم», وبخاصة بعد ان اشتعلت الحرائق في بلادكم, وبعد أن سقطتم في فخ الفتنة الطائفية والمذهبية وبعد أن تحولت «دُولكم» الى ملاذات آمنة للتكفيريين والقتلة الجوالين والمرتزقة وراحت دول العالم تقذف بكل مَنْ يهدد أمنها واستقراره الى سوريا والعراق.. فكيف لي ان انسحب من اراضي اسرائيل الكاملة التي وعدنا «الرب» بها, وكيف يمكن ان استبدل سفراءكم وأعلام بلادكم, بأراضي شعب اسرائيل الذي اختاره الرب من بين شعوب الارض كافة ليسكن فيها «وحده» وينعم بخيراتها, ويبني «فيللا» فاخرة في غابتها, المثقلة بالديكتاتورية والتخلف والفساد والجهل والبطالة وانتهاك حقوق الانسان وخصوصاً في عقلية الثأر والانتقام, التي تَنْظُم علاقاتها ببعضها, وعلاقات حكامها بشعوبهم؟
نتنياهو قال ما عنده، ولم يعد يُخفي شيئاً او يسعى للمناورة او لِكسب الوقت، يقول في كلام مختصر: مبادرتكم (رغم ما فيها من مُغريات) لم تعد توفّر البضاعة اللازمة, كي تقنع دولة الجنرالات بالانسحاب من الضفة الغربية, حتى في ظل «جَزَرَة» أكثر اغراء, وهي العبارة التي تستبطن موافقة عربية على توطين اللاجئين حيث يقيمون، التي تقول: ايجاد حل «متوافق» عليه لمسألة اللاجئين (اقرأ شطب حق العودة).
.. فماذا انتم فاعلون؟ هل تنتظرون «رأي» باراك حسين اوباما كالعادة؟ انتظاركم سيطول, لكن اسرائيل حسمت امرها ورمت الكرة في ملاعبكم التي تسيل فيها الدماء بغير حساب أو خِشية.
&
التعليقات