سعد بن طفلة العجمي

&بعد أن رفضت الحكومة اليمنية المشاركة في مؤتمر "حوار" مشاورات جنيف وافقت على المشاركة فيه بعد أيام، واصفة اللقاء بأنه "تشاوري" فقط لإيجاد آلية لتنفيذ القرار 2216 الصادر من مجلس الأمن بالإجماع والذي يطالب بانسحاب الحوثيين الانقلابيين من المدن وإعادة سلاح الجيش الذي نهبوه ووقف تسليحهم وإطلاق سراح المسؤولين اليمنيين الذين اختطفوهم.
لكن الحكومة اليمنية تفكر بشيء، والحوثيين ومن ورائهم المخلوع صالح والإيرانيون ببالهم شيء آخر:
سيطالبون أولا بوقف الحملات الجوية تحت شعارات الإنسانية وإغاثة الشعب اليمني الواجبة، ومنطق عدم التشاور تحت قصف التحالف، وهو مطلب سيراه المجتمع الدولي والأمم المتحدة معقولا، وهو ما قد يتحقق على أمل إبقاء الوضع على ما هو عليه، وتثبيت الانقلاب والمماطلة والتسويف استمرارا لنفس النهج الذي انتهجوه أثناء مرحلة جمال بن عمر التسويفية التي أضفت شرعية "مشبوهة" على الانقلاب الذي كان يجري أمام أعين بن عمر دون أن يقول كلمة منطقية ضده.
من ناحية أخرى، فإن الحوثيين يرون في الاجتماع بحد ذاته انتصارا لهم، فبعد أن انقلبوا على الشرعية واحتلوا اليمن من صعدة حتى عدن، عاد المجتمع الدولي ليتشاور معهم كَنِدٍّ وليس كعصابة فوضوية دموية، وقد نرى السيد عبد الملك الحوثي في خطاب "نصر إلهي" يعلن انتصار "أنصار الله" على "العدوان" والفوز بالحرب.
التجربة التفاوضية مع الأمم المتحدة ومبعوثيها وموفديها بمنطقتنا ليست طيبة النتائج، ولا تخلو من الغموض والضبابية، إن لم يكن أنكى من ذلك.
فمن كوفي عنان الذي أوفده السيد بان كي مون "للتشاور" حول الأزمة السورية، رغم سجله الفاشل بجهوده في إفريقيا التي يتحدر منها.. (للمزيد حول سجل عنان الفاشل، مقالي على الرابط http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=66915
إلى الأخضر الإبراهيمي الذي شاور بسوريا وهو يساوي الجاني بالضحية حتى غادر مهمته غير مأسوف عليه وهو يدعو ربه أن يكون بعون السوريين دون أن يتجرأ على الإشارة ولو بكلمة حق واحدة إلى السبب الحقيقي الذي جر سوريا إلى الخراب الذي تعيشه اليوم.
ثم جاء بن عمر منذ العام 2011 موفدا أمميا ليتشاور باليمن حول آلية تطبيق المبادرة الخليجية، وانحنى المسار حتى انثنى وانعطف ثم انعقف وقاد إلى الانقلاب والسيد بن عمر لا يزال بصنعاء يتحدث عن مبادرة ومصالحة وطنية، إلى أن غادر بن عمر يحمل سجلا من الخيبة وسجلات أخرى "مخزية".
لا أظن المبعوث الأممي الجديد، السيد إسماعيل ولد الشيخ أحمد، سيكون أكثر نجاحا في مهمته باليمن من سلفه، ما لم يكن واضحا منذ البداية بأن الهدف من التشاور، هو الالتزام الحرفي الملح والسريع بالقرار 2216 وتنفيذه إنهاء للأزمة والبدء بإغاثة الشعب اليمني المنكوب.
وافقت الحكومة الشرعية اليمنية على الذهاب لجنيف وفي بالها شيء ولكن في بال خصمها أشياء، فما لم تعلن الأمم المتحدة صراحة، وهو ما لم تعلنه حتى الآن، بأن الهدف من الحوار هو آلية لتنفيذ القرار، فكأنك "يا أبو زيد ما غزيت"، وعلى الحكومة اليمنية أن تطلب حدا زمنيا لإعلان هذه الآلية، لا أن تتحول إلى جنيف 1 ثم جنيف 2 إلى جنيف 50 وهكذا.
&