خلفيات اعتقال الصحافي الأردني الذي سرب قصة «المفخخ النرويجي والمتفجرات الإيرانية


بسام البدارين


&&الرسالة واضحة الملامح من وراء المجازفة بنمطية الحريات الإعلامية التي يدعمها القصر الملكي الأردني واعتقال الصحافي غازي مرايات نجم الكشف عن ما سمي في عمان بالمخطط الإيراني للاحتفاظ بكمية كبيرة من المتفجرات لغرض استعمالها في أغراض غير مشروعة.


بالنسبة للنشطاء المؤيدين لإيران وللنظام السوري في عمان فهذه المتفجرات في حال ثبوت وجودها مخصصة ليس لأغراض الداخل الأردني. ولكن لمواجهة إسرائيل وهو بكل الأحوال هدف «غير مشروع» في قياسات القانون الأردني بدليل أن السلطات تعتقل وتحاكم كل «أردني وفلسطيني» يحاول التسلل بصورة غير شرعية عبر الحدود مع إسرائيل لتنفيذ عمليات وبالتالي لن تجامل إيرانيا أو عراقيا في هذه المسألة.
بكل الأحوال لإظهار الجدية في قرار سلطات القضاء «حظر النشر» في قضية «النرويجي المفخخ» في شمال الأردن تم توقيف الصحافي في جريدة «الرأي» الذي نشر الخبر أصلا لأسبوعين بعد توجيه ثلاثة إتهامات له بدا لافتا أن من بينها «الإساءة» إلى العلاقة مع دولة صديقة.
الدولة الصديقة هنا هي «إيران» وبالتالي ومن خلال لائحة الاتهام الموجهة للصحافي المرايات يمكن الاستدراك والقول بعيدا عن حيثيات قضية التفجيرات نفسها بأن السلطات العليا ترسم بدقة أهداف المسألة ولا تريد لها أن تختلط ما بين الاعتبار السياسي والأمني والقانوني، خصوصا ان العراقي المضبوط نجم العملية تم تحويله للقضاء الذي لم يكمل تحقيقه معه بعد.
المعنى في هذا السياق أن السلطة برموزها الأمنية وأذرعها القضائية في الأردن «لم تقرر بعد» تبني أي لغة رسمية توحي بتوجيه التهمة مباشرة لإيران أو لطرف إيراني في التحضير لتفجيرات في الأردن على الأقل في هذه المرحلة من «تسييس» القضية ضمن أولويات المطلوب وطنيا والمصلحة العامة . بهذا المعنى وكما كان الكشف عن العملية برمتها رسالة سياسية لأطراف مهمة توحي بوقف حالة تنامي الانفتاح مع طهران يصبح اعتقال الصحافي المحلي وتوجيه تهمة الإساءة لدولة صديقة يفترض انها إيران رسالة سياسية بالنتيجة لطهران توحي ضمنيا بمسألتين في غاية الأهمية .
أولا: ان السلطات الأساسية في الأردن لم توجه الاتهام رسميا بعد.


وثانيا: أن الكشف عن هوية العراقي النرويجي المقبوض عليه خالد الربيعي والتحدث في بيان اللوائح عن تبعيته لـ «فيلق القدس» الإيراني هو خطوة «إعلامية وصحافية « مستقلة لم تكن مبرمجة في المطبخ الرسمي او الأمني بدليل أولا صدور قرار منع نشر بالقضية وثانيا اعتقال الصحافي الذي خالف القرار ومحاكمته.


طبعا معنى الكلام ان الصحافي مرايات والذي حقق سبقا بالمعنى المهني علق وسط حسابات في غاية التعقيد في قضية النرويجي المفخخ وان السلطات تقول عبر توقيفه بأنها لا تطلب دخول مؤسسات الصحافة والإعلام على خط «اتهام» إيران ولا تريد للقضية ان تأخذ أية أبعاد سياسية أو ترويجية على الأقل قبل ان تنطق بخصوصها سلطة القضاء.
يحصل ذلك عمليا لسبب على الأرجح بصرف النظر عن الضرر الذي ينتجه اعتقال صحافي فاعل على سمعة البلاد الدولية والحقوقية، خصوصا ان الجسم الصحافي المهني بدأ المطالبة بالإفراج عن الصحافي مرايات، بالتوازي مع حملة شرسة على وسائط التواصل الاجتماعي يشنها كثيرون ضد إيران التي تلتزم بدورها «الصمت» وتكتفي بنفي «ما ورد في صحيفة أردنية» وفقا لمنطوق بيان الخارجية الإيرانية.
يمكن عند محاولة الاسترسال في تحليل الموقف القول بأن السلطة السياسية وأثناء التعاطي مع مسألة التفخيخ الإيرانية المفترضة بالأردن تريد الحفاظ على «إنتاجية» هذا الملف سياسيا وأمنيا حتى اللحظة الأخيرة ليس فقط من خلال إستقطاب السعودية.


ولكن تجنب حرق المراحل، الأمر الذي يفسر التدخل لمنع النشر وضبط الإيقاع الصحافي على الأقل الرسمي.
على نحوأو آخرلا تريد عمان لورقة التفخيخ الإيرانية المزعومة أن تؤذي ثمار التواصل التي أنتجتها الزيارة الشهيرة للوزير ناصر جودة لطهران قبل نحو شهرين ولا تريد مناصبة العداء لطهران، خصوصا ان المتفجرات أصلا مدفونة منذ سنين طويلة على الأقل في هذه المرحلة وإن كانت ترحب بالحماس السعودي لأي قطيعة بالعلاقات بين عمان وطهران دون ان يعني ذلك ان «خدمة» القطيعة مع إيران ستقدم مجانا ودون ثمن سياسي للسعوديين.
&