مساعد العصيمي
بعد إعلان الاتفاق النووي بين الغرب وإيران عمّت العالم موجة من التساؤلات في معظمها تذهب إلى التشاؤم من أن الغرب وأميركا قد أطلقا يدي محور الشر الأبرز في تاريخنا الحديث.
ونحن هنا لسنا في محل قراءة التفاصيل والبنود لهذا الاتفاق، فما يهمنا هو ردة الفعل الصادرة عن كثير منّا من تلك التي وجدناها متشائمة حد الإيمان بأن الغرب قد فك رباط الوحش وأطلقه على من حوله، ولن نصادر هذا الرأي انطلاقا من أن إيران وهي التي كانت مربوطة إلى سارية الغرب كانت تثير الفوضى والمشكلات في بلاد العرب، فكيف إذا ما أطلق رباطها؟
الأمر قد تم ونعتقد أن الكونجرس، وعبر اجتماعه المقبل، وعلى الرغم من رفض بعض أعضائه للاتفاق لن يجرؤ على تغيير اتفق عليه الأوروبيون وأميركا، لكن ما يهمنا أكثر وتمنينا أن يحضر، أن يُضمن الاتفاق ما يخص السلوك الإيراني العدائي تجاه دول عربية كثيرة، والأهم في ذلك تدخلها السافر ودعمها للميليشيات الخارجة عن القانون فيه، لكن لأن أميركا لا يهمها إلا ما تريده إسرائيل، فلا عليها من العرب ولتصنع إيران ما بدا لها! حتى وإن أبدى "نتنياهو" رفضه للاتفاق ووصف إيران بتاجر المخدرات.
ما نتمناه أن نتوقف عن النحيب، ولننظر إلى الأمر من خلال ثلاثة جوانب مهمة، العمل الرئيس لنا خلال المرحلة المقبلة لمواجهة إيران التي تملك المال والسلاح والمهتمة بنشر العدائية في بلاد العرب، أولها ألا نعتمد على أحد في حماية بلداننا ومصالحنا، بعد أن كشفت أميركا والغرب أنهما لا يريان غير مصالحهما وليحترق العرب وإيران، ولنعمل على ذلك بكل ما أوتينا من قوة.
الجانب الثاني، أن ننظر إلى الاتفاق النووي ببعض التفاؤل، نقول التفاؤل وليس الاندفاع بأن تُحسّن إيران سلوكها بعد أن أصبحت بلدا دون عقوبات ودون قيود، ونقول من باب التفاؤل إنها تدخلت في العراق واليمن والبحرين لأجل لفت الأنظار إليها ومحاورتها لأجل رفع العقوبة عنها، ولذا فمن خلال هذا التفاؤل أن تلتفت إلى شعبها وحالها وتترك العرب في حالهم، قد تكون هذه أمنية أكثر منها توقعا، لكن لا يمنع مثل ذلك أن يكون مطروحا على الأجندة الإيرانية، مع إيماننا أن أحد أهم المبادئ الإيرانية الراسخة التي أسسها "الخميني" كان مشروع تصدير الثورة؟
الثالث، وهو المهم في الشأن الإيراني، أن نتوافق مع ما أقدم عليه الغرب وأميركا، بأن نحاول أن نفتح مع إيران صفحة جديدة لعل فيها خيرا بأن يعيد ضبط تعاملاته وعلاقاته، وإيقاف تصدير ثوراته، نعيد ترتيب الأولويات معهم من موقع الند للند، فما يهمنا الآن وبشكل أكبر هو خليجنا وبعدنا الجنوبي، ولعل في العمل السعودي الجبار في العمل على تحرير اليمن من مندوبي إيران في اليمن رسالة أوضح، بأن هناك من سيضرب بيد من حديد مشاريعها التي ستطال الخليج وكل ما يتعلق باليمن.
الحكمة والروية في قراءة الاتفاق النووي بين إيران والغرب مطلوبة أكثر من النحيب والبكائيات التي باتت تتصدر المشهد الإعلامي العربي بصفة عامة والخليجي بصفة خاصة، علينا أن ندرك كيف نتعامل معه بعد أن أصبح واقعا، فدول مجلس التعاون ليست قوة اقتصادية فقط بل عسكرية أيضا، والأكيد أن إيران تدرك ذلك تماما.
&
التعليقات