& راشد فايد
&

أهم ما ميّز لقاء الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، انه انعقد في أعقاب مؤشرات "غير مريحة" الى طبيعة العلاقة بين البلدين، منها قرار الرياض بالاعتذار عن عدم القاء كلمة في الأمم المتحدة، ثم الاعتذار عن عدم قبول عضوية مجلس الأمن، فوصف الأمرين بأنهما نتيجة سوء تفاهم، وانعدام انسجام سياسي بين البلدين، تفاقم مع عدم مشاركة الملك نفسه في القمة الأميركية - الخليجية، فيما كان "الاتفاق النووي" الايراني مع دول الـ5+1 يشق طريقه، مرفقا بترويجات طهران عن تفاهم أميركي على نفوذها الاقليمي.

انعقد اللقاء بعد 5 أشهر على تحرك قوات التحالف العربي، بقيادة الرياض، دعماً لقوات الشرعية اليمنية، في لحظة وعي دولي لمدى المخاطر على السلامة الأمنية لباب المندب "الشريان الحيوي" لنفط العالم.
كل ذلك يؤشر الى علاقة تحالف بين البلدين، وليس تبعية حاول خصومهما، باستمرار، إلصاقها بمشهد التعاون بينهما. يعزز ذلك كون الاختلاف التفصيلي في النظرة الى بعض الشؤون الاقليمية والدولية لم يغلّف بعبارات منمّقة، بل كان واضحا ومحل اعتراف الجانبين، في ظل تحولات ضخمة تعيشها المنطقة، وتهديدات لاستقرارها. ففيما ترى المملكة ضرورة استعجال الحسم في مصير النظام السوري، تتروّى واشنطن، وان كان الطرفان يريان أن لا دور لبشار الأسد في مستقبل سوريا، وفيما يبدو أوباما واثقا من صواب انجازه الاتفاق النووي مع ايران، تجزم المملكة بأن ذلك رهن بالتأكد من ضمان عدم تحويله الى نشاط عسكري، والا كان أمراً بالغ الخطورة يهدد استقرار المنطقة.
تبدو الزيارة، بالأحداث التي سبقتها، والمباحثات التي تخللتها، وبرسالة الملك الى الرئيس الأميركي، التي أعقبتها، كتأشير نهائي الى اعادة ترتيب العلاقات بين الرياض وواشنطن بعد فترة من التباين في الرؤى، تجاه عدد من الملفات والقضايا في المنطقة أبرزها الاتفاق النووي الايراني، والمصالحة الخليجية في الربع الأخير من العام الماضي، وحرب تخفيض أسعار النفط، وهو ما سماه الملك بـ"الشراكة الاستراتيجية بين البلدين"، ربما للعقود المقبلة، تماما كما انتهى اليه لقاء الملك المؤسس عبد العزيز بن سعود مع الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت، الذي وضع الخطوط العريضة للتحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة قبل 70 عاما، مع فارق عملي، هو أن قيادة السعودية للعالم العربي قرنت، اليوم، بممارسة ميدانية عسكرية لم تكن منتظرة، لكن لم يكن منها بد بعد التهديدات التي أطلقها الحوثيون، كجزء من استراتيجية ايرانية، تجاه الرياض، التي لها مصالحها الجيوسياسية في المنطقة، اضافة الى مركزها الديني، ما أتاح مقاربة جديدة للسياسة الخارجية السعودية.
الثابت والأكيد، قبل الزيارة، وبعدها، أن الدور السعودي يبقى مركزيا في السياسة والاقتصاد، في المنطقة والعالم.