إسماعيل جمال

&بعد تصاعد الهواجس التركية من التوسع الكردي على حدودها مع سوريا وإمكانية إقامة «كانتون كردي» يدعم نزعة الانفصال عند أكرادها، برز مجدداً سيناريو إقامة دولة علوية في الساحل السوري، الأمر الذي أربك حسابات أنقرة وحرك مخاوفها من العلوين الأتراك الداعمين للنظام السوري.


وبالتزامن مع ذلك تتصاعد مخاوف أنقرة من التبعات السياسية والأمنية للحلف الجديد الذي بدت معالمه تتشكل على حدودها، حيث أكدت أطراف متعددة إقامة حلف عسكري بين روسيا وإيران والحكومة العراقية والنظام السوري، بحجة محاربة الإرهاب، وقامت روسيا بتعزيز وجودها العسكري المباشر في الأراضي السورية المحاذية لتركيا، وجميع هذه الدول هي بالطبع «غير صديقة» للحكومة التركية ومنافسة لها إقليمياً.
المحلل السياسي التركي بكر اوزجان رأى أن إقامة دولة علوية في الساحل التركي أمر مريب لأنقرة ويثير لديها الكثير من القلق والمخاوف، معتبراً أن تقسيم سوريا سيؤدي إلى دويلات أبرزها دويلة كردية بجانب الشرق الكردي، ودولة علوية بالساحل السوري سيخلقان الكثير من المشاكل لتركيا.
وقال اوزجان في تصريحات خاصة لـ«القدس العربي»: «أردوغان حذر من ذلك مبكراً، والأسد هدد بذلك قبل سنوات بالقول إما أنا أو التقسيم وهو كان يقصد بذلك تهديد تركيا، والأسد هو من انسحب من العديد من المناطق للأكراد ضمن اتفاق بينهم، وهو بذلك يريد نقل الأزمة إلى تركيا».
معتبراً أن الأكراد يمكن أن يتحالفوا مع العلويين ضد الحكومة التركية.
وأضاف: «تقسيم سوريا سيؤدي إلى ويلات لتركيا، فالشرق التركي يحتوي على أكبر كتلة للأكراد التي تطالب وتسعى للانفصال، فيما يعيش في تركيا طائفة علوية ترتبط بعض أطرافها بالأسد وهناك علويون عرب مرتبطون بالنظام السوري، فإنشاء دولة علوية بالساحل السوري وعلى حدود تركيا ستكون جاذبة للعلويين وبالتالي المشاكل لتركيا». مستبعداً إمكانية تطور الأمر لأن يطالب علوي تركيا بدولة مستقلة أو حكم ذاتي كما يطالب الأكراد.
وأطلق اوزجان على الحلف الجديد بين روسيا وإيران والعراق والنظام السوري مصطلح «الحلف الروسي الشيعي»، معتبراً أن الظاهر من هذا الحلف هو محاربة «داعش» لكنه بالحقيقة «هو حلف ضد السنة في المنطقة، وهو حلف يثير الكثير من القلق والمخاوف لتركيا».


وبحسب تقديرات غير رسمية، تشكل الأقلية العلوية قرابة 15٪ من عدد سكان تركيا، وينقسمون إلى علويون من أصول عربية وتركية، وتدعم شريحة واسعة منهم نظام الأسد، واتهمت أطراف منهم بمساعدة النظام السوري في عمليات خطف سوريين معارضين من مناطق حدودية.
وبرغم تأييد العلويين للعلمانية، فأن هناك من يتهمهم بالتعاطف السياسي مع حزب العمال الكردستاني التركي لا سيما أن زعيم هذا الحزب عبد الله أوجلان هو كردي علوي، لكن العلويين ينفون هذه التهمة، وبرزت بعض المحاولات للمطالبة بدولة علوية ومنها مجموعة الممر الأحمر (كيزل يول) التي اتخذت من ألمانيا مركزا لها وهي تدعو إلى إقامة دولة للعلويين على غرار محاولة الأكراد تأسيس دولة كردية. من جهته، اعتبر سعيد الحاج المختص بالشأن التركي أن «كل سيناريوهات التقسيم بسوريا لا تصب في مصالح تركيا، كونه يربطها حدود طويلة معها ومن مصلحتها أن تبقى سوريا دولة واحدة تستطيع التعامل معها وليس دويلات صغيرة لا تربطها سلطة مركزية».
وأضاف الحاج أن «الأمر مرتبط بالبعد الاثني والمذهبي.. تركيا فيها أقلية علوية لها تواصل مع الداخل السوري، وليس في مصلحة الأمن القومي التركي إنشاء دولة علوية أو كانتون كردي وتسخر أنقرة كل إمكانياتها لمنع سيناريو التقسيم».
ويتفق الحاج مع «اوزجان» بأن الأمر من الصعب أن يتطور لأن يطالب علويي تركيا بدولة مستقلة أو حكم ذاتي، كون «القضية العلوية مختلفة عن الأكراد الذين يسعون للانفصال»، لكن الأمر سيزيد من مطالبهم ونشاطهم السياسي ومعارضتهم للحكومة.
وعن الحلف الروسي الجديد بالمنطقة، قال الحاج: «تركيا اليوم تعض أصابع الندم لأنها لم تدخل في سوريا مبكراً عندما كانت الأمور أسهل من ذلك وقبل تشابك أطراف الأزمة وكانت وقتها تملك اليد الأطول في سوريا، لكنها اليوم ليس لديها الكثير من أوراق الضغط هناك»، معتبراً أن المتضرر الأكبر من هذا الحلف بعد الشعب السوري هي تركيا.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اعتبر في تصريحات صحافية قبل أيام أن رئيس النظام السوري، بشار الأسد، يريد تأسيس سوريا صغيرة تبدأ من دمشق وتمتد عبر حماة وحمص إلى اللاذقية، وهي منطقة تشكل 15٪ من مساحة سوريا.
وأضاف: «الأسد يريد تأسيس دولة خاصة به، تسيطر عليها وتدعمها قوى سيادية معينة، وهذه المنطقة تنفتح على البحر الأبيض المتوسط»، مشدداً على أن بلاده «تدافع عن وحدة التراب السوري، وتريد لشعب سوريا أن يحصل عن منطقة خالية من التنظيمات الإرهابية».
وجدد التأكيد على أن وزارة الخارجية الأمريكية «أخطأت» بعدم اعتبار «وحدات حماية الشعب» الكردية في سوريا تنظيما إرهابيا.
والأحد، قال وزير الخارجية التركي، فريدون سينيرلي أوغلو، إن تركيا التي تحارب كل من منظمتي «بي كا كا»، و»جبهة حزب التحرير الشعبي الثوري» (يسارية)، إضافة إلى تنظيم «داعش»، «تقع في مقدمة المسستهدفين بالتهديدات الإرهابية».