&&فاتح عبدالسلام

الضرائب جزء مهم من أي اقتصاد حر، ولكن حين يكون البلد مثل العراق لا هوية اقتصادية له سوى النفط والفساد فيه عند أعلى مستوى عالمي فإن أية نظرية اقتصادية للتنمية تصبح نوعاً من الهراء. وتتحول الضرائب لأداة هدم وبلبلة.

اقتصاد بقالية المحلة ذات المحصول اليومي والصرف التلقائي اليومي هو التوصيف الذي يليق بالاقتصاد العراقي ، حيث كل رأس المال في دكان متصدع ومنهوب فضلاً عن كساد بضاعته.

انكسر سعر النفط وسينزل الى الحظيظ في أسابيع حسب توقعات الخبراء ، ولا بديل للعراق من سند اقتصادي سوى الضرائب التي تزيد من الثقل القاتل على ظهر المواطنين وتقلل ثقة الناس بالدولة. الضرائب مهمة ولكن عندما تكون متسقة مع ناتج التنمية الاجتماعية والبشرية المفيد.

بدائل الموارد سوى النفط شبه معدومة في العراق اذا استثنينا الضرائب.

العراق يتخبط في العقد الأخير في مستنقع سياسيين قذر استنزف موارده وأقصى كفاءاته لصالح الطبقة الفاسدة، وحين مسّت نار الفساد كراسي الحكم بدأنا نسمع كلاماً عن تنويع مصادر الاقتصاد وكأنه لم تكن هناك حكومة في العقد الاخير وما كان مجرد عصابات في الشارع وفي ظل الحكومات ومجموعة حملة حقائب الكاش في الوزارات، ولا يوجد استثناءات إلا بقدر أنملة هنا وجناح بعوضة هناك.

هل افتقد العراق العقول الاقتصادية أم ان سيوف الفساد قطعت رقابها قبل أن تشرئب.؟ ألم يقرأ سياسيون حكموا البلاد المنكوبة التي لا يزال اسمها العراق ، ان دولة مثل النرويج عمر النفط فيها همس وأربعون سنة ويشكل نصف صادراتها وثلاثين لكنه لا يشكل أكثر من ثلاثين بالمائة من ايراداتها المالية. وبرغم ذلك ترفض النرويج صرف دولار واحد من اموال النفط وتصر على استثمارها في صناديق سيادية تحفظ للأجيال المقبلة حقوقها في ثروات البلاد. وقررت النرويج ذلك البلد الصغير وهو خامس مصدر للنفط وثالث مصدر للغاز في العالم أن تعتمد على موارد اخرى يمتلك منها العراق أضعاف ما تمتلك النرويج من دون فائدة . حيث تعتمد النرويج على موارد مراعي الماشية والأغنام وزراعة الشعير والقمح والبطاطس. أليست هذه موارد يمكن استنهاضها من باطن العراق وبين يدي الخير المطمور فيه. ويضاف للنرويج مواردها بصيد السمك وهي ميزة متاحة الى حد كبير في العراق أيضاً حيث المسطحات المائية العملاقة مثل الأهوار التي عادت للنمو والسدود الكبيرة ونهري دجلة والفرات وشط العرب و الجزء المتيسر من مياه الخليج ايضاً. ولأترك مورد الغابات النروجي المهم وافترض ان العراق لا يعرف الغابات من قريب أو بعيد .

بعد أن انكشفت كل العورات ، نسمع عن تنويع موارد الاقتصاد ، وهو أمر يدلل على جهل وضحك على الذقون لأنهم يصورونه على إنه أمر متاح بشهر أو سنة وليس من مسؤولية جيل وبناء اجتماعي وتضامن في حب الوطن وليس في تعلم فنون نهبه وإلغاء الآخر بسيوف أجنبية.