سمير عطا الله

وهو في المدرسة القرآنية روت له جدته، التي ستصبح أحب الناس إليه، حكاية البطل «زهران» الذي قتل ضابطًا بريطانيًا عام 1906، وسوف يصبح له في شبابه ثلاثة أبطال، على شيء من التناقض، زهران وغاندي وكمال أتاتورك.


كان أنور ابن محمد الساداتي أفندي من زوجته السابعة، ست البرّين. وكان الأفندي، حامل أول شهادة ابتدائية في ميت أبو الكوم، مزواجًا مطلاقًا. ومن بعد ست البرّين، تزوج أمينة، التي أنجبت له تسعة أبناء. تقاسمت ست البرين وأمينة منزل الزوج في القاهرة. وكانت أم أنور سودانية، لا يتردد الأفندي في ضربها أمام أولادها، وفقًا لما قال حسنين هيكل.


تنقل أنور في القاهرة في مدارس عدة. كلما رسب في واحدة انتقل إلى أخرى. وبدأ يشارك في المظاهرات الوطنية، لكن هذا لم يمنع فيه رغبة التمثيل وحب المسرح. واعترف وهو في السابعة والثلاثين «إن المسرح جذبني طوال حياتي». وقد تقدم بطلب إلى المنتجة السينمائية أمينة أحمد يقول فيه: «أنا شاب ممشوق القوام. لست أبيض لكنني لست أسود كذلك. بل إن سواد بشرتي أقرب إلى الحمرة».


رُفض أنور في الكلية الحربية التي كانت وقفًا على أبناء الذوات، فشعر بالحنق، وسجل نفسه في كلية الآداب، ثم في كلية الحقوق، ثم في كلية التجارة، غير أن والده توسط لدى ضابط إنجليزي يعرفه من السودان، ففتح له باب الكلية الحربية فورًا عام 1936.


نقل الملازم أنور إلى منقباد، قرب أسيوط، حيث التقى للمرة الأولى، الملازم جمال عبد الناصر، وفيها تأسست أول جمعية سرية للضباط الأحرار بقيادة عبد الناصر، كما روى السادات في المرة الأولى. أما في الرواية التي كتبها وهو رئيس، فقال إنه هو من أسس الجمعية. في الرواية الأولى قال إن عبد الناصر كان «يعلمنا ويلهمنا». في الثانية قال إن الضباط كانوا يجتمعون في غرفته التي سموها «بيت الأمة».


عاد أنور إلى القاهرة بعد ثلاث سنوات، وسكن في منزل أبيه، مع زوجته إقبال ماضي، التي تكبره بعام واحد. أنجبت له إقبال ثلاث فتيات، رقية وراوية وكاميليا. تعايش أهل المنزل بصعوبة. وفي هذه الأثناء تعرّف إلى حسن البنا وأعجب به، وأخبره بأنه يعد - أنور - تنظيمًا سريًا لطرد الإنجليز. كما زاد إعجابه بالألمان، أعدائهم. وعندما حقق معه مرة لاجتماعه بضابطين ألمانيين، استخدم موهبته التمثيلية على أقصى طاقتها، منكرًا كليًا أي معرفة بالرجلين اللذين كان معهما قبل يوم واحد في «غروبي». غير أن المحققين كانوا أكثر دهاء منه، فطُرد من الجيش وسُجن، حيث بقي لمدة عام، يحاول تعلم الإنجليزية والألمانية، بينما كان رفاقه في الجيش يؤمّنون كل شهر 10 جنيهات مصروفًا لعائلته.
إلى اللقاء..
&