عبدالله العلويط

لا تخرج المرأة من المستشفى إلا بمحرم، ولا تقود سيارتها إلا بمحرم يقود بها السيارة سواء كان حقيقيا أو مصطنعا كالسائق الأجنبي، فهذا السائق يبرز فكرة كونها عارا، لأنه يقوم بدور الحماية

&


إذا كان هناك من حسنة لما تفوه به علي المالكي من وصفه المرأة بأنها عار إلا أنها جعلتنا نتبين أن أمثاله كثيرون في بلدنا فيكفي بها حسنة، فقد ضج الناس بها وكأنهم بعيدون عنها مع أنهم يمارسونها بلسان الحال لا بلسان المقال، ولا نعمم في ذلك ولكن نسبة كبيرة يوافقونه في المعنى دون اللفظ، بل إن البداهة تقتضي ذلك.


فمن أين أتى المالكي بهذه العبارة لولا أنها موجودة في المجتمع، خاصة أنها ليست لفظة دينية فالوعاظ والمشايخ لا يستخدمونها، وإنما يستخدمون الفتنة أو التغريب أو سد الذريعة، فهذه ألفاظهم لا العار، مما ينبئ عن وجود هذا التصور في المجتمع بشكل ظاهر وليس كامنا فقط، ولا أبالغ إن قلت إنه موجود في بعض الهيئات أيضا كتلك التي تشترط المحرم في أي إجراء، ولعل ما دار حول فصل الأعضاء عن العضوات في المجالس البلدية خير دليل على ما أقول.


هناك حالات تثبت ما أقول، لكن قبل أن نعرض للحالات دعونا نوضح معنى "عار" ثقافيا وليس لغويا، فالعار هو خزي يلحق الرجل جراء تصرفات قريبته المنحرفة. ولذا يتوجب عليه إبعادها عن ذلك ليس كقيمة في ذاتها، وإنما حتى لا يلحقه ذلك الخزي والمذمة، فهو كشخص يمنع ابنه من السرقة حتى لا يستدعيه الأمن ـ أي الأب ـ ولا يمنعه كقيمة في ذاتها، ولذا حينما يزوجها الأب و"يشيل" عنه عارا كما ذكر المالكي فلأنهما يتقاسمان المذمة إذا انحرفت، ويقلل من احتمالية ذلك، وأيضا يحمل عنه إجراءات منعها ومراقبتها.


وأما الحالات المثبتة لكونها عارا فمنها تضجر الشخص من ذكر اسم قريبته في وسط رجال، ويسميها بالأهل أو المرة ـ بفتح الميم والراء ـ، وتضجره من أن يجلس شخص آخر بالقرب منه في أماكن التنزه إذا كان عاره معه حتى وإن كان المكان مزدحما، وامتناعه عن رد السلام على شخص إذا كان عاره معه والتظاهر بأنه لم يره إن كان يعرفه، وقيامه بتغطية كامل سيارته بتظليلة سوداء حتى لا يُرى عاره أو يغطي المرأة بالكامل، وامتناعه من أن يسافر جاره أو قريبه معه في نفس السيارة لأن معه أهله أو عاره.. ألا يعد كل هذا إثباتا؟ وحينما يوضع مدخلان للمساكن واحد للرجال وآخر للنساء، وحينما تقف المرأة في مطبخ الطائرة إلى قبيل الإقلاع بانتظار أن تعثر على مقعد بجوار عار مثلها ألا يعد هذا إثباتا، وحينما نرفض تأجير شخص لا زوجة له في بناية سكنية يسكنها متزوجون، ولا يدخل السوق أو بعض المطاعم إلا وبرفقته امرأة، وهي لا تدخل المطعم الشعبي ـ غير الفاره ـ من الأساس ألا يعد كل هذا إثباتا بأنها عار؟ وحينما لا تخرج من المستشفى إلا بمحرم ولا تقود سيارتها إلا بمحرم يقود بها السيارة سواء كان حقيقيا أو مصطنعا كالسائق الأجنبي، فهذا السائق يبرز فكرة كونها عارا، لأنه يقوم بدور الحماية، هل بعد كل هذا من شك في أن أمثال علي المالكي كثيرون كما أسلفت؟ ناهيك عن الفتاوى التي تصفها بالفتنة، ويجب أن تغطى بالكامل، ولا تقود ولا تسافر إلا بمحرم، فكلها منبثقة من النظر لها على أنها عار.
&