فهد عامر الأحمدي

&يحـزنني دائما حجم الصراع المفتعل بين أبناء السنة والشيعة.. تأجيج وإثارة أحقاد لا نسمع مثلها ضد أي من الدول (الكافرة) التي نتعامل معها ونستهلك منتجاتها بكل سرور..

&يحزنني تفاقمه ــ خصوصا في ساحات الانترنت ــ بين شباب صغار ولدوا بعد 1400عام من معركة صفين، ولا يعرفون شيئا عن موقعة الجمل.. لا يعرفون أن من تشيعوا كانوا عربا وقفوا في صف علي بن أبي طالب، ولا أن عليا رضي الله عنه حمى السيدة عائشة رضي الله عنها بعـد المعركة وأعادها للمدينة المنورة معززة مكرمة..

&يقلقني اشتراك الطرفين في أركان الاسلام الأساسية ــ ومع هذا ــ تجد بينهما من الحنق والبغضاء ما لا تجده ضـد أمـم لا تعترف بالإسلام أصلا..

&يُخيفـني هذا القدر الكبير من طاقة الكره والتحريض والبغضاء (والاجتهاد في ذلك) بحيث لو وجه نصفه أو ربعه لدولة مثل إسرائيل لأزالها من الوجود خلال سنوات قليلة..

&يقلقني عدم التفرقة بين الشيعة كطائفة (آمنت بالنبي محمد، وناصرت الإمام علي، وطالبت بولاية أهل البيت)، وبين التغلغل الإيراني، والفكر الصفوي، والقومية الفارسية التي تستغل الخلافات التاريخية لتأجيج نار الفتنة في العراق والخليج والعالم الإسلامي (وكتبت مقالا بهذا المعنى طالبت فيه بالتفريق بين العرب الشيعة الذين ظهروا قبل إيران بتسعمئة عام، والسياسة القومية الصفوية لإيران التي تتحرك هذه الأيام تحت غطاء ديني أساء للمذهب ذاته)!

&

.. ما حدث في معركة صفين والجمل ليس لشباب اليوم علاقه به، ولا يملكون القدرة على تغييره وبالتالي من العبث حتى الجدال فيه.. ما يهمنا فعلا هو عدم استمراره وتأجيجه واستغلاله من قبل إيران للتغلغل في النسيج العربي بطريقة سرطانية..

&

لسـت جاهلا بأوجه الخلاف بين السنة والشيعة ولكنني أطالب بالتعقل وتذكر أوجه الاتفاق الكثيرة بينهما.. فكلا الطائفتين تشترك في أساسيات الدين الاسلامي كوحدانية الله، والاعتراف بخاتم الرسل، والإيمان بالقرآن كوحي منزل، ناهيك عن اتفاقهم في العبادات الاساسية كالصلاة والزكاة والحج والصوم.. وفي النهاية الله يحكم بين عباده يوم القيامة..

&حين تستثني أوجــه الخلاف الفرعية (وتتجاهل دعاة الفتنة من الطرفين) تكتشف أن أسباب الخلاف في أصلها تاريخية وليست طائفية.. فالتشيع بمعناه اللغوي يعني الاتباع والتحزب بدليل قوله تعالى(وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ).. والشيعة في الأصل عرب أقحاح من جزيرة العرب في حين لم تتحول بلاد فارس للمذهب الشيعي إلا قبل خمسمئة عام.. وهـم يعتقدون بأن الإمامة وتولي الخلافة بعد وفاة المصطفى صلى الله عليه وسلم من حق الإمام علي وذريته من آل البيت (وهذا بحد ذاته خلاف سياسي وليس عقائدياً انتهى زمنه)..

&وللحديث بقية..