& حاتم البطيوي ولطيفة العروسني

جدد الناخبون المغاربة ثقتهم في حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية، الذي تصدر نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت الجمعة، متبوعا بحزبي الأصالة والمعاصرة والاستقلال، ووصلت نسبة المشاركة في الاقتراع إلى 43 في المائة.&

وأعلن محمد حصاد، وزير الداخلية المغربي، أمس، النتائج النهائية، بعد فرز جميع الأصوات، حيث حصل حزب العدالة والتنمية على 125 مقعدا، بزيادة 18 مقعدا عن الانتخابات البرلمانية السابقة، وبفارق 23 مقعدا عن غريمه السياسي حزب الأصالة والمعاصرة، الذي ضاعف عدد مقاعده في البرلمان بعد أن فاز بـ102 من المقاعد، فيما حل حزب الاستقلال ثالثا بـ46 مقعدا، بعد أن خسر 14 مقعدا مقارنة بالانتخابات التشريعية التي جرت عام 2011.

&

وفاز حزب التجمع الوطني للأحرار بـ37 مقعدا، متبوعا بـ«الحركة الشعبية» (27 مقعدا)، و«الاتحاد الدستوري» (21 مقعدا)، و«الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية» المعارض (20 مقعدا)، والتقدم والاشتراكية (12مقعدا)، وفازت «فيدرالية اليسار الديمقراطي» بمقعدين فقط، أي أقل من المتوقع، أما حزبا الوحدة والديمقراطية واليسار الأخضر فحصل كل منهما على مقعد واحد.

&وتعليقا على النتائج التي حصل عليها حزبه، قال عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عقب ظهور النتائج الأولية إن حزبه «أثبت بأن الجدية والصدق والصراحة مع المواطن والحرص على استقرار الوطن، وجعل مصالح البلد فوق كل مصلحة أخرى، والوفاء للمؤسسات وعلى رأسها المؤسسة الملكية، كلها عملة تعطي إيجابية، ولله الحمد، وهو ما بينته هذه الانتخابات». كما أن هذه الاستحقاقات، يضيف ابن كيران «أظهرت أن المناورات والمكر والخداع والادعاء والكذب حبلها قصير»، مشددا على أن هذه الاستحقاقات «ستكون لها عواقب إيجابية جدا على الوسط السياسي من أجل أن يرى فيها كل حزب نفسه في المرآة، ويحاول أن يصحح مساره، وأن يخرج من منطق أن الشعب المغربي ما زال يثق في المناورات، أو تنفع معه بضعة دراهم، أو يمكن أن يضغط عليه بطريقة، أصبحت كلها اليوم وراء ظهرنا». وتابع ابن كيران قائلا «هذا اليوم انتصرت فيه الديمقراطية، وظهرت فيه الأمور على حقيقتها»، مبرزا أن حزب العدالة والتنمية، بعد ترؤسه الحكومة خمس سنوات ماضية، قام بإصلاحات كبيرة وعميقة، حيث اهتم بميزانية الدولة وبالملفات العالقة، كالتقاعد والمقاصة (صندوق دعم المواد الأساسية)، وأوقف الإضرابات العشوائية وغيرها، واهتم بالمقاولة، وتمكن من أن يخرجها من أزمتها وأن يهتم بالفئات الهشة، وما إلى ذلك من الإنجازات الاجتماعية.

&وكشف ابن كيران عن أن كل وزراء «العدالة والتنمية»، وأعضاء أمانته العامة نجحوا في امتحان 7 أكتوبر (تشرين الأول)، في إشارة إلى تمكنهم من الحصول على مقعد برلماني خلال هذه الانتخابات.

&ويرى المراقبون، أن فوز جميع وزراء «العدالة والتنمية» في الانتخابات مؤشر كبير على أن شعبية الحزب لم تتأثر بعد خمس سنوات من ممارسة مسؤولية الشأن العام، ناهيك عن ظفر الحزب بمقاعد أكبر من عدد المقاعد التي حصل عليها في اقتراع 2011.&

وكان ابن كيران قد قال في حوار صحافي أجرته معه «الشرق الأوسط» إبان الحملة الانتخابية إنه يتوقع حصول حزبه على مقاعد في مجلس النواب أكثر من عدد المقاعد التي حصل عليها في انتخابات 2011.

&

والوزراء الفائزون، بالإضافة إلى رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبد الإله ابن كيران، هم مصطفى الخلفي، وزير الاتصال (الإعلام) والناطق الرسمي باسم الحكومة، وعزيز الرباح، وزير التجهيز، وعبد القادر عمارة، وزير الطاقة والمعادن، ولحسن الداودي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، وإدريس الأزمي، الوزير المكلف الميزانية، ومحمد نجيب بوليف، الوزير المنتدب المكلف النقل.

&

لكن تجدر الإشارة إلى أن «الأصالة والمعاصرة» فاز بأكثر من ضعف المقاعد مقارنة مع انتخابات 2011، حيث انتقل من 48 إلى 102 مقعد، وهذا أيضا يشكل نصرا مشرفا بالنسبة له.

&ويسود اعتقاد واسع بأن نتائج اقتراع الجمعة حدت من أي تغول محتمل من لدن الحزبين الكبيرين، فحزب العدالة والتنمية حافظ على قلاعه الانتخابية وأكثر، واستقطب ناخبين جدد جراء إصراره على استقرار البلاد، والالتفاف حول عاهلها الملك محمد السادس، والمحافظة على التجربة الديمقراطية الفتية وتطويرها ومواصلة الإصلاح، بينما جاء حزب الأصالة والمعاصرة رافعا راية «التغيير الآن»، ولقي صدى مستعملا منظورا مغايرا للسائد في تنظيم حملته الانتخابية؛ .&

واحتفل أعضاء حزب العدالة والتنمية الليلة قبل الماضية بالفوز في مقر حزبهم بحي الليمون بالعاصمة الرباط حتى قبل الإعلان الرسمي عن النتائج الأولية من طرف وزارة الداخلية.

&

وحاولت «الشرق الأوسط» طيلة نهار أمس الاتصال بعبد الإله ابن كيران وإلياس العماري لمعرفة الخطوات المقبلة، وهل ما زال موقفاهما يراوحان مكانهما بشأن إمكانية تحالف الحزبين لتشكيل الحكومة. بيد أن هاتفيهما ظلا يرنان طول النهار من دون رد.

&ويرتقب المغاربة أن يقوم العاهل المغربي الملك محمد السادس قريبا بتعيين رئيس جديد للحكومة، وسط تساؤلات حول ما إذا كان العاهل المغربي سيبقي على ابن كيران رئيسًا للحكومة، أم أنه سيعين شخصية أخرى من حزب العدالة والتنمية؟&

وكان وزير الداخلية قد كشف عن النتائج النهائية التي حصل عليها كل حزب في الدائرتين المحلية والوطنية، وأفاد في بيان صدر أمس بأن حزب العدالة والتنمية حصل على 98 مقعدا في الدوائر المحلية، و27 مقعدا في الدائرة الانتخابية الوطنية، وحصل حزب الأصالة والمعاصرة على 81 مقعدا برسم الدوائر المحلية، و21 مقعدا برسم الدائرة الوطنية. وحصل حزب الاستقلال على 35 مقعدا برسم الدوائر المحلية، و11 معقدا في الدائرة الانتخابية الوطنية، يليه حزب التجمع الوطني للأحرار بـ28 مقعدا بالنسبة للدوائر المحلية، و9 مقاعد في الدائرة الانتخابية الوطنية.

&أما حزب الحركة الشعبية فحصل على 20 مقعدا بالنسبة للدوائر المحلية، و7 مقاعد في الدائرة الانتخابية الوطنية، وأحرز حزب الاتحاد الدستوري 15 مقعدا بالنسبة للدوائر المحلية و4 مقاعد في الدائرة الانتخابية الوطنية. وحصل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على 14 مقعدا بالنسبة للدوائر المحلية و6 مقاعد في الدائرة الانتخابية الوطنية، ونال حزب التقدم والاشتراكية 7 مقاعد بالنسبة للدوائر المحلية و5 مقاعد في الدائرة الانتخابية الوطنية، كما حصل حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية، وفقا للبيان ذاته، على 3 مقاعد بالنسبة للدوائر المحلية، تليه فيدرالية اليسار الديمقراطي بمقعدين، فحزب الوحدة والديمقراطية بمقعد واحد، ثم حزب اليسار الأخضر المغربي بمقعد واحد.&

في السياق ذاته، قال وزير الداخلية في مؤتمر صحافي عقده الليلة قبل الماضية، إن النتائج المعلن عنها على صعيد مكاتب التصويت تبين أن نسبة المشاركة خلال اقتراع 7 أكتوبر بلغت 43 في المائة من خلال مشاركة نحو 6 ملايين و752 ألفا و114 ناخبا من أصل قرابة 16 مليون مسجل، فيما بلغت سنة 2011 نسبة 45 %. لكن عدد المسجلين حينها كان 13 مليونا و600 ألف فقط..

&بهذه المناسبة، ذكر وزير الداخلية، أنه «لا بد أن نهنئ بلادنا على حسن سير الديمقراطية»، كما يريد ذلك الملك محمد السادس. وهنا حصاد حزب العدالة والتنمية على تصدره الانتخابات التشريعية، إلا أنه وجه إليه انتقادات لاذعة بسبب «الانتقادات التي وجهها بصفة مستمرة، خصوصا لوزارة الداخلية طيلة العملية الانتخابية»، ربما لأن هذا الحزب، يضيف حصاد «ما زال يشك في الإرادة الراسخة لكل مكونات الأمة، وعلى رأسها جلالة الملك، حفظه الله، لجعل الممارسة الديمقراطية واقعا متجذرا وخيارا استراتيجيا لا رجعة فيه، وربما هذا ما جعل الحزب المذكور أيضا يبادر إلى إعلان بعض النتائج قبل وزارة الداخلية، مع العلم أن هذه الوزارة كانت، خلال مختلف مراحل الاستحقاق الانتخابي، حريصة على أن تبقى على المسافة نفسها مع جميع الهيئات السياسية».

&وأشار وزير الداخلية إلى أن مختلف مراحل الاستحقاق التشريعي الخاص بانتخاب أعضاء مجلس النواب مرت في أجواء إيجابية، عكستها بجلاء مستويات التعبئة والدينامية التي تم تسجيلها على مر أيام الحملة الانتخابية. وتابع أن هذه الدينامية عكستها بوضوح الحملة الانتخابية المكثفة وعدد المبادرات التواصلية التي قامت بها الأحزاب السياسية ومرشحيها، والتي ناهزت 13 ألف مبادرة تواصلية، استقطبت نحو مليون مشارك، أي بمعدل يقارب 77 ألف مشارك يوميا، مبرزا أن الجولات الميدانية شكلت الآلية الأكثر توظيفا للمرشحين من خلال استقطابها لنحو 530 ألف و300 مشارك، متبوعة بالمهرجانات الخطابية بما يناهز 282 ألف مشارك.

&&