&أحمد عبد التواب

كشف الدكتور جابر نصّار رئيس جامعة القاهرة عن أن السبب المباشر وراء قراره الشجاع بإلغاء خانة الديانة من كل المستندات التي تتعامل بها الجامعة مع أساتذتها وطلابها وغيرهم، ليس فقط الموقف الفكري والسياسي والاجتماعي، وإنما كانت هناك واقعة محددة مخيفة في أحد المعاهد التابعة للجامعة، عندما تقدَّم للالتحاق بالدراسات العليا 50 طالباً فتم استبعاد كل الأقباط البالغ عددهم 9 طلاب، بعد أن استدل المتطرفون من أصحاب القرار علي هويتهم الدينية من خانة الديانة المدرجة كبند في استمارة طلب الالتحاق! بل لقد تجرأ مصمم هذه الاستمارة علي أن يجبر المتقدم، إذا كان مسيحياً (هكذا تنصّ الاستمارة!) علي تسجيل الطائفة والمذهب الذي ينتمي إليه! فهل يجوز أن يفلت من المساءلة والجزاء من ابتكر هذا الانتهاك علي الحقوق الدستورية؟ هل من حق كل مسئول أن يتخذ قرارات ويفرض إجراءات تتفق مع انتماءاته وانحيازاته وميوله وأهوائه حتي إذا كانت تتعارض مع القانون واجب الاتباع؟.

وإذا كان هذا يقع من صفوف النخب الأكاديمية التي يأتمنها الوطن علي المهمة الخطيرة بإجازة الشهادات للدارسين من عموم المواطنين لينطلقوا بها في مستهل حياتهم العملية في حقول العمل في كل التخصصات بطول البلاد وعرضها، فكيف يكون الحال في مجالات أخري؟ ألا يجب الآن، وبعد انفضاح هذا الأمر، أن ننظر بجدية في تفشي هذا التطرف في أماكن عديدة، إلي حدّ يكاد فيه الأقباط أن يختفوا في الفرق والمنتخبات الرياضية، حتي صار من النادر أن تجد الشباب الأٌقباط يمثلون مصر في المسابقات الخارجية، بل حتي في النوادي وفي كل اللعبات علي مستوي الدوري والكأس؟.

هذا القرار الجريء في جامعة القاهرة هو أول خطوة جادة علي الدرب الطويل الشاق من أجل تأسيس وتعزيز مبادئ الدولة الحديثة بخصوص المواطنة والمساواة بما أقرّه الدستور. ومن الحصافة أن نتوقع من المتطرفين ألا يستسلموا بسهولة، بل إنهم، كدأبهم، سيخلطون الأوراق في السعي لإقناع البسطاء بأن هذه مؤامرة تستهدف النيل من الإسلام..إلخ.