«كماشة» إيرانية تحيط بالأردن في العراق وسوريا وحوارات صاخبة في عمان: طهران تتموقع في «المتوسط» وتحاول في «الضفة الغربية»

بسام البدارين

لا أحد يعرف ما الذي فعله السفير الأردني في طهران عبدالله أبو رمان لأسابيع في بلاده دون العودة لمزاولة أعماله حتى بعد الازدياد الواضح في عدد السياسيين الذين يستغربون الاسترسال في القطيعة السياسية مع إيران بدون إعلان رسمي مجاملة على الأرجح للسعودية.
لا يؤثر ذلك كثيرا في حجم ونوع ومستوى المساعدات السعودية للأردن رغم أن السفير أبو رمان «سحب للتشاور» بعد حادثة الاعتداء على مقر السفارة السعودية في إيران ولازال «مسحوبا» لكن بدون تشاور من أي نوع حسب خبراء في وزارة الخارجية.
لم تحدد طبيعة المشاورات التي تجري مع السفير أبو رمان في عمان ويشكك كثيرون بأنها تجري أصلا خصوصا وأن وزير الخارجية ناصر جوده المعني مباشرة بالموضوع ليس طرفا بأي مشاورات بالخصوص، الأمر الذي يوحي ضمنيا بأن الهدف بحد ذاته هو فكرة «بقاء السفير في عمان للتشاور».
طبعا حصل ذلك بعد الزيارة اليتيمة التي قام بها للعقبة الأمير السعودي محمد بن سلمان.
بعدها تجنبت السلطات الإعلان عن أي مشاورات ومن الملاحظ وجود حركة نشطة للسفير أبو رمان في عمان وبعيدا عن عمله المباشر وخصوصا بالقرب من صديقه رئيس الوزراء الحالي الدكتور هاني الملقي حيث يقدم الأول بعض «النصائح» والاستشارات «الإعلامية» للثاني بحكم خبراته ككاتب صحافي سابقا وكوزير سابق للإعلام.
في منطقة النخبة الوزارية والسياسية التي تعتبر إيران «دولة مارقة» ولا تتحمس سياسيا وأمنيا لأي اتصالات معها يشار للسفير أبو رمان بإعتباره «من المتحمسين أكثر مما ينبغي» للعلاقات مع إيران ولاستئناف عمله، بل أكثر من الإيرانيين أنفسهم في بعض الحالات.
السلطة المرجعية في الأردن لا زالت متحفظة جدا إزاء إطلاق أي مبادرات للتواصل مع طهران رغم دورها الفاعل في المنطقة كما يؤكد أمام «القدس العربي» السياسي المخضرم طاهر المصري.
ثمة أدلة على ذلك، سفير عمان «أطال الإقامة» في بلده بعد استدعاء التشاور وبدون مشاورات وحليف إيران العلني الراحل الكاتب والسياسي ناهض حتر رفضت الإدارة السماح أمس الأول بإقامة حفل تأبين له بعد اغتياله وسط العاصمة منذ أكثر من شهر وسفير طهران في عمان «لا يتصل به أحد».
لا يوجد أي مظهر يوحي بأن عمان في طريقها لتخفيف حدة قطيعتها مع النفوذ الإيراني فأحد الوزراء أكد مباشرة لـ «القدس العربي» بأن إيران بالتصنيف الأردني «دولة مارقة» لإنها تحارب السعودية وتدمر في اليمن ولبنان وسوريا والأهم «تتجسس» على الأردن.
موقف الدولة المرجعية لا يعجب العديد من الساسة الخبراء في عمان الذين يؤمنون بأن مصالح الأردن الحيوية تتطلب تقييم مؤشرات التخاصم والعداء السياسي لإيران على اعتبار انها «قوة أساسية» ومركزية في المنطقة والإقليم.
المصري مثلا يعتبر أن النفوذ الإيراني بدأ يحكم معادلات المنطقة منذ توقيع الاتفاق النووي الأمريكي الإيراني وهي مسألة يقول «ليس صحيحا إننا في الأردن ينبغي أن نتجاهلها».
وعندما يتعلق الأمر بالخيارات الإقليمية السياسية والاقتصادية لا يمانع الرئيس السابق للوزراء سمير الرفاعي من التحدث عن ضرورة «تنويع» الخيارات والآفاق مع كل الأطراف في المعادلة السورية والعراقية وغيرهما.
سياسي آخر يلاحظ ما يلي: نائب المرشحة هيلاري كلنتون «تيم كين» سيكون الشخص ذاته الذي وقف في الكواليس وراء «هندسة» الاتفاق النووي، وإيران بعد جلوس الرئيس ميشال عون على كرسي رئاسة الجمهورية اللبنانية أصبح لها «موطئ قدم» لا يمكن تجاهله على البحر المتوسط حتى إذا افترض الخبراء بأن روسيا ستقربها على السواحل السورية.
إيران نافذة في قطاع غزة وحاضرة شمالي العراق وحلفاؤها في حزب الله متواجدون في قلب درعا والميليشيات العراقية التي تدعمها تطل برأسها بين الحين والآخر في الأنبار شرقي الأردن وتحاول البحث عن اختراق في القدس والضفة الغربية بعمليات ملموسة يعرفها الأمن الأردني.
في جلسة تشاورية مغلقة تماما لاحظ سياسي كبير من حجم عبد الكريم الكباريتي وبالحسبة التجارية والاقتصادية والمالية ان حدود الأردن مع العراق وسوريا مغلقة بالرغم من اعتماد الاقتصاد الأردني الكبير عليهما حيث توجد إيران في «الطرف الآخر».
قارئون متميزون لمسار الأحداث يؤكدون صعوبة الاستمرار في تجاهل هذا «الواقع» في الزمن الإيراني الجديد فيما لا يزال السفير أبو رمان مستعدا للدفاع عن وجهة نظره التي يرفضها تماما وزير الخارجية الأسبق المخضرم عبد الإله الخطيب والقائلة بأن السياحة الإيرانية الشيعية قد تساهم في «إنقاذ جزئي» لمشكلة الأردن المالية.