فهد المضحكي 

قدم الباحثون دراسات كثيرة حول أهمية القراءة التي تُعد اداة لرقي الانسان، وللتواصل بين الثقافات والحضارات.
وتكتسب القراءة أهمية متزايدة لدى الدول المتقدمة، فهي اهم الطرق للوصول الى التنوير والتقدم والمعرفة.
وللتعبير عن اهمية القراءة اطلقت دولة الامارات مبادرة طيبة للقراءة تستمر لمدة 10 سنوات، وستحظى بدعم من صندوق وطني بقيمة 100 مليون درهم.
وعلى هذا الاساس اصدر رئيس الدولة خليفة بن زايد اول قانون للقراءة في المنطقة يلزم الحكومة بالتدخل مبكرًا لترسيخ القراءة عبر توفير الحقيبة المعرفية للمواليد الجدد، ويعطى الموظف الحق في القراءة المتخصصة ضمن ساعات العمل.. كما وجه بان يكون عام 2016 عامًا للقراءة بغية تأسيس جيل جديد من العلماء والمفكرين والباحثين والمبتكرين.
ويكتسب قانون القراءة (المصدر الامارات اليوم 1 نوفمبر 2016) اهمية استثنائية كقانون شامل على المستوى الوطني، اذ يبرز اهتمام الدولة وقياداتها بالتنمية البشرية من كافة الجوانب، وسعيها الى تطوير الاصول الثقافية لمواطنيها، بما يكفل اعداد وتأهيل اجيال قادرة على ان تؤسس لإرث فكري اماراتي يمكن تطويره والبناء عليه.
ويضع «القانون الوطني للقراءة» اطرًا ملزمة لجميع الجهات الحكومية في القطاعات التعليمية والمجتمعية والاعلامية والثقافية لترسيخ القراءة لدى كل فئات المجتمع بمختلف المراحل العمرية.
ويغطي القانون كل ما يتصل بالقراءة من تطوير ونشر وترويج وانظمة داعمة، بما يضمن استمرارية جهود تكريس القراءة، ومأسسة الجهد الثقافي العام، وتواصل وتيرة زخمها.
ويعزز القانون التكامل بين القطاعات والقوانين الرئيسة المعنية بالتعليم والثقافة، وهي قوانين التعليم وحقوق الملكية الفردية والنشر والمطبوعات.
ويتسم القانون بالوضوح، عبر تحديد الجهات المعنية بتطبيق مواده، وتبيان اوجه التعاون في ما بينها، كما يوفر اليه تمكين محددة، عبر وضع خطط تنفيذية تخضع للمتابعة والمراجعة.
ويحسب للقانون انه يشكل زيادة على اكثر من صعيد، اذ يجعل القراءة حقًا ثابتًا ومتاحًا للجميع، يتم تكريسه من الولادة عبر توفير ثلاث حقب معرفية تغطي احتياجات الطفل من مرحلة الرضاعة حتى الرابعة من العمر بواقع حقيبة كل عامين. في حين يطرح لاول مرة مفهوم التطوع المعرفي، من خلال تشجيع فئات المجتمع على تخصيص جزء من اوقاتها للقراءة لكبار السن والمرضى والاطفال، ومن في حكمهم ممن يعجز عن القراءة ضمن مقارنة تعكس رقيًّا حضاريًا، ويسعى القانون الى تكريس القراءة كاحد المظاهر الثابتة في المرافق العامة في الدولة، عبر إلزام المقاهي في المراكز التجارية بتوفير مواد للقراءة لمرتاديها. ويرسخ احترام الكتاب كقيمة اساسية بين الطلبة صونها وعدم اتلافها، وإعادة استخدامها أو التبرع بها. وفي مقابل ذلك ويضيف المصدر يرتقي القانون بالمنظومة التعليمية، بحيث لا تكون منفصلة عن القراءة التثقيفية، من خلال الزام المدارس والجامعات بتطوير مكتباتها، وتشجيع القراءة بين الطلبة عبر خطط سنوية تضعها المؤسسات التعليمية كافة.

ويؤكد القانون أهمية حفظ وارشفة الانتاج الفكري المقروء في الدولة، ويطرح مفهومًا مبتكرًا للمكتبات العامة، من خلال تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في هذا المجال.
وينص القانون على ان تتولي وزارة الثقافة وتنمية المعرفة وضع الخطط، ومنح التمويل اللازم لدعم نشر مواد القراءة وتوزيعها، بما يتناسب واحتياجات الاشخاص ذوي التحديات في القراءة، الى جانب تشجيع اصدار او نشر مواد القراءة باللغة العربية، ووفقًا لهذا القانون يتولى المجلس الوطني للاعلام مسؤولية وضع سياسة اعلامية متكاملة، لدعم وتشجيع القراءة، والزام وسائل الاعلام العامة المرئية والسمعية والمقروءة بتخصيص برامج ومساحات محددة تناسب فئات المجتمع المختلفة للتشجيع على القراءة.
وانطلاقًا من اهمية دعم نشر القراءة وتوزيعها، يتعامل مع مواد القراءة في الدولة كسلعة رئيسه تُعفى من أي رسوم او ضرائب لغايات التأليف او النشر او الطباعة او التوزيع، بما في ذلك رسوم الحصول على الرقم المعياري الدولي الموحد للكتب «ISBN» ولا يجوز الترخيص بالنشر او التوزيع لأي كتاب دون ان يكون حاصلًا على هذا الرقم.
وإضافة الى ذلك يخصص شهر وطني من كل عام للقراءة لتشجيع المجتمع على القراءة، كجزء من انشطته اليومية.
بالفعل، القانون يهدف الى دعم تنمية رأس المال البشري والمساهمة في بناء القدرات الذهنية والمعرفية ودعم الانتاج الفكري الوطني وبناء مجتمعات المعرفة في الامارات.
واذا كان هذا القانون يعمل على توحيد كافة الجهود لترسيخ القراءة في المجتمع، فان المسؤولية الوطنية كما يحددها رئيس الدولة خليفة بن زايد تستهدف الاستثمار في الانسان بالدرجة الاولى، وترسخ صورة الامارات كنموذج ملهم في المنطقة.