حسن عباس 

لا أحد يختلف على أن النتائج هي بحق «تسونامي» مدوٍ على كل الأصعدة. لكن هل نكتفي بذلك؟

نتائج انتخابات السبت الماضي، تستحق بأن تكون مميزة بمختلف الزوايا. فهي من زاوية جاءت بنسبة تغيير كبيرة جدا ان لم تكن الأكبر في تاريخ العمل البرلماني في الكويت. النتائج كانت مميزة من حيث الزج بالعناصر الشبابية ليكونوا في هذه الدورة العنصر المحوري، سواء كمرشحين أو ناخبين أو ناجحين. والنتائج ايضا مميزة لو نظرنا إلى التفاعل الشعبي «التلقائي» ضد القبيضة ورموز الفساد في العمل البرلماني والنيابي. والنتائج مميزة من حيث استياء الناس من الرموز الطائفية والخطاب الطائفي الذي كان منتشراً سواء في مجلس 2013 للتكسب الانتخابي أو كعقيدة ومنهج بالنسبة للمعارضة المتطرفة، وهذه شملت حتى من نجح بالنظر إلى ترتيبهم بين المتنافسين في دوائرهم الانتخابية.

عموماً نقول إن النتائج كانت مختلفة هذه المرة، بحيث استطاع الصوت الواحد أن يُقصي نواب الخدمات والحكوميين والذين تحوم حولهم شبهات الفساد والطائفيين، واستعاضت عنهم بأصحاب برامج اصلاحية والمدافعين عن حقوق الشعب.

لكن تظل المميزات والمكاسب التي تحققت من هذه النتائج ليست مكتملة تماماً. الملاحظة التي تُعتبر تقليدية على الانتخابات أن التقسيم الطائفي والقبلي والعنصري لفئات المجتمع الكويتي لا يزال هو لم يتغير. إلى الآن تجد المحللين ينظرون إلى إفرازات السبت الماضي ويحللونها على أساس نصيب الشيعة بهذا المقدار، والقبيلة الفلانية خسرت كم مقعد، واستولى التجار على كذا وكذا. إذاً لا تزال التحليلات والارهاصات ثابتة مع تغيير هامشي في زيادة فئة تقليدية لصالح فئة تقليدية أخرى، ما يعني أن الأصل الاجتماعي للكويت ثابت لم يتغير وهو التقسيم القبلي والطائفي. طبعا هذا مرده إلى امور كثيرة راسخة وعميقة في عقل المجتمع الكويتي يصعب أن نجده قد تغير بهذه السهولة.

وهذا بالتالي يجرنا إلى نتيجة مهمة، وهي سخافة الدعوات لتغيير النظام الانتخابي بحجة «القضاء» على الطائفية والعنصرية والمال السياسي. النظام الانتخابي لا يمكنه فعل ذلك لوحده. بل تأثيره كما وجدنا يكاد لا يُذكر، فمع أي نظام وجدنا أن جميع الأمراض التقليدية والنمطية موجودة لم تتبدل إلا ما رحم ربي. إذا يجب أن يبدأ العلاج من اليوم الأول للمجلس بمنهجية عمل صحيحة للقضاء عليها استعداداً للانتخابات المقبلة. وبالتالي هي بحاجة إلى عمل فكري وقانوني ممنهج للسعي نحو هذا الهدف.