غسان حجار
هل يعي "حزب الله" ماذا اقترفت يداه في الايام الاخيرة في لبنان؟ يبدو الحزب في محطات عدة كأنه يهوى الخسائر الداخلية، او كأنه غير آبه بتجميل صورته، بل يعمل على اسقاط تلك الهالة الكبيرة التي رسمها بمقاومته اسرائيل، كلما اقتحم زواريب الداخل، او أسلم أمره الى آخرين.
في 31 تشرين الاول، اعتبر الحزب ان خياره الرئاسي انتصر بوصول العماد ميشال عون الى سدة الرئاسة الاولى، ولو مجرَحاً بسنتين ونصف سنة من الشغور، وبمسار الجلسة الانتخابية غير البريء على الاطلاق. وكان مقدراً ان تطوى هذه الصفحة، بل فتْح صفحة جديدة ينطلق بها العهد بشكل حقيقي. لكن ذلك لم يحصل لأسباب عدة يتحمل الحزب مسؤولية كبيرة فيها.
فقد اوكل الحزب الى الرئيس نبيه بري التفاوض في شأن الحكومة، وهو يدرك تماما سوء العلاقة بين عون وبري. ووضع الحزب نفسه في وضع المراقب المتفرج ليس اكثر. وهو بذلك لم يكن عاملا مسهلا لأسباب عدة كان يمكنه معالجتها برعايته المباشرة لتقريب وجهات النظر.
ثم ان عمل الحزب على "ضبضبة" الساحة الشيعية وعدم ترك اي شرخ يتسرب اليها، لم يكن بالطريقة الفضلى، لانه ولّد نقزة مذهبية كانت تلك الساحة في غنى عنها لتحمي ظهرها. فالحملة على اتفاق "التيار الوطني الحر- القوات اللبنانية" ساهمت في تنمية تضامن مسيحي اوسع، ودفعت الى ما بدأ يسمى ثنائية مسيحية في مواجهة ثنائية شيعية.
اما الدفاع المستميت عن النائب سليمان فرنجية، وإن انطلق من اهداف تحالفية نبيلة، الا انه لا يخدم الاخير بأكثر من حقيبة وزارية، لانه زاد من عزلته المسيحية، وقلص من محاولة تمدده السياسي خارج منطقته الانتخابية، وهو الامر الذي عمل عليه وفريقه سنوات عدة، فإذ بالعوامل المحيطة تسقطه في مدة قياسية. وكان يمكن "حزب الله" العمل على مصالحة حليفيه عون - فرنجية، وهي اقصر الطرق لتجنب كل هذه التداعيات.
اضف الى ذلك ان "هجوم" الرئيس بري على الرئيس المكلف سعد الحريري، حرّك الساحة السنية ايضاَ في مواجهة ما اعتُبر ارادة هيمنة على الزعيم السني بعد اتهامه بعدم التعامل بصدق، والظهور بالقابل به على مضض.
اما الرسائل التي توزعت عبر الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والابواق المختلفة، فلا يمكن عاقلاً ان يصدق ان الجميع براء منها، وان احداً من الرعاة السياسيين لم يغض الطرف لإمرارها.
قد يكون الرئيس ميشال عون لم يحسن ادارة فريقه منذ اليوم الاول، ولم ينتقل من "التيار" الى الجمهورية بالقدر الكافي، لكن لا يمكن التفاجؤ بهذا القدر، اذ ان الرجل في كل مساره السياسي والعسكري لم يكن منضبطاً بمعنى التقييد، وبالتالي وجب ايضاً الت
التعليقات