&صلاح الجودر

جاء اجتماع وزراء الداخلية العرب في دورته الثالثة والثلاثين في تونس ليتصدى لآفة الإرهاب التي تم زرعها في المنطقة مطلع عام 2011م حين رفع شعار الربيع العربي، فأغلب الدول العربية اليوم إما تعاني الفوضى الخلاقة أو تواجه ظهور الجماعات الإرهابية على أراضيها، وإن كان على أقل تقدير وجود الفكر الإرهابي بين الشباب والناشئة.

لقد ألقى الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية في اجتماع وزراء الداخلية العرب بتونس، حيث ترأس الاجتماع، كلمة مملكة البحرين، وقد جاء في الكلمة بأن البحرين ستحمي مجتمعها (من أي معتقد مذهبي مبتدع ومن كل أشكال الولاءات الخارجية)، فوزير الداخلية يعلم بأن المخططات التآمرية على المنطقة قائمة على استبدال الولاءات الوطنية بولاءات خارجية، ونشر المعتقدات المذهبية المبتدعة التي ترفض التعايش مع الآخر المختلف، فالأعمال الإرهابية التي تعرضت لها البحرين خلال السنوات الخمس الماضية كانت بسبب استبدال الولاءات الوطنية الصادقة بولاءات خارجية.

المتابع للأوضاع بالمنطقة العربية يرى بأن مخططات تغير هوية المنطقة لاتزال قائمة، وأن التحديات والمخاطر - كما جاء في خطاب وزير الداخلية - مستمرة، وبدون مراجعتها ومضاعفة الجهود لمواجهتها فإنه لا يتوقع (أن يكون المستقبل الأمني أفضل)، خاصة وأن التدخلات الإيرانية بالمنطقة مستمرة، ولمن شاء فليتأمل في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وقد أكد وزير الداخلية أن التدخلات الإيرانية تسير وفق برنامج منظم، وهذا ما يرى اليوم على أرض الواقع، فإيران استطاعت خلال السنوات الماضية من الترويج لمشروعها (تصدير الثورة) وهي تعني بذلك مشروع ولاية الفقيه لـ(تحقيق الهيمنة الفارسية على حساب العروبة والوطنية).

فرغم دعوات دول الخليج العربي لإيران بوقف التدخل في شؤون الدول الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي إلا أنها لا تزال مستمرة في التدخل من خلال إقامة معسكرات التدريب أو إيواء الجماعات الإرهابية أو دعمهم بالأسلحة والمتفجرات كما كشفتها الأجهزة الأمنية سواء في البحرين أو الكويت أو السعودية، فإيران لم تحترم سيادة الدول الخليجية ولا حق الجوار، ولا القوانين الدولية، من هنا جاءت كلمة وزير الداخلية للذين اقتنعوا بمشروع ولاية الفقيه بأن يذهبوا إليها في إيران حتى لا يعكروا صفو الأمن!.

لقد أكد وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله بأن القومية العربية استطاعت استيعاب المذاهب والطوائف والأعراق، ومن ثم التعايش بينهم، فالعرب المسلمون والنصارى واليهود وغيرهم من الأعراق عاشوا قروناً طويلة في تعايش وتسامح وعمل مشترك، ولكن منذ أن تكونت إيران والمنطقة العربية تعيش حالة من التنافر بين أبنائها، بل إن هناك صراعاً واحتراباً وفرزاً بينهم مثلما هو حاصل اليوم في الدول التي عصفها بها الربيع العربي، لذا شجب وزراء داخلية الدول العربية الممارسات الإيرانية الهادفة لزعزعة الأمن والاستقرار في البحرين والدول العربية، فإيران استغلت الأحداث بالمنطقة العربية مطلع عام 2011م لتشعل النار، فما من موقع ملتهب بالمنطقة إلا وإيران لها إصبع! ولعل البحرين إحدى الدول التي عانت من التدخلات الإيرانية في شؤونها الداخلية، فقد كشفت الأجهزة الأمنية عن الخلايا الإرهابية النائمة واليقظة، وحذرت من التطرف الديني والطائفي، وتصدت للفوضى والخروج على النظام العام.

إن وزراء الداخلية العرب استنكروا ما يقوم به حزب الله اللبناني من ممارسات وأعمال خطيرة لزعزعة أمن واستقرار الدول العربية، فمع دخوله الإراضي السورية، وتدريبه لجماعات الحوثي للقيام بأعمال إرهابية في دول الخليج، وتدخله السافر في الشأن البحريني وغيرها كثير، فإنه مستمر في أعماله الإرهابية بالمنطقة، من هنا قررت دول مجلس التعاون تصنيف مليشيات حزب الله جماعة إرهابية، وقد جاء هذا القرار بسبب استمرار الأعمال العدائية تجاه دول مجلس التعاون والدول العربية، فحزب الله اللبناني يمارس أعماله الإرهابية في سوريا واليمن والعراق.

إن الدول العربية اليوم مطالبة بتوحيد الجهود، وعلى كل الأصعدة، لمواجهة الجماعات الإرهابية والإجرامية، داعش وحزب الله والنصرة والدعوة والحوثيين، فهذه الجماعات تسعى لتحقيق المشروع التدميري بالمنطقة (الشرق الأوسط الجديد)، لذا لابد من مضاعفة الجهود لمواجهة التحديات، فالخطر القادمة معروف المصدر والهوية والنتائج، ولتحقيق الأمن والاستقرار لابد من مواجهة الجماعات بالدليل والبرهان، فلابد من أخذ التدابير الجماعية اللازمة لاقتلاع الإرهاب من جذوره.