سعد الياس
&على الرغم من التأرجح في ملف النفايات بين الحلحلة والتعقيد، فإن رئيس الحكومة تمام سلام تراجع على ما يبدو عن تلويحه الجديد بخيار الاستقالة متجاوزاً الإرباك الداخلي الناتج عن التأخر في معالجة أزمة النفايات بعد البوادر الايجابية التي بدأت تلوح في الأفق لجهة الموافقة على عدد من المطامر، لكنه لم يستطع حتى الآن تجاوز الإرباك الخارجي وتحديداً الخليجي في ظل استمرار الضغوط والإجراءات العقابية التي يتعرّض لها البلد من قبل المملكة العربية السعودية ودول خليجية على خلفية تمدّد نفوذ حزب الله في الدولة اللبنانية، الأمر الذي يطرح إمكانية قيام الرئيس سلام بخطوة معينة كالاعتكاف أو ربما الاستقالة، إذا لم يستجب حزب الله لدعوته بوقف التهجمات على المملكة العربية السعودية منطلقاً من شعور بالمرارة كون كل الأطراف السياسية على اختلاف توجهاتها بين 8 و14 آذار تعبّر عن تأييدها بقاء الحكومة ورغبتها بعدم التفريط بها، لكنها لا تترجم عملياً دعمها للحكومة بتقديم أي مساعدة لحل أزمة النفايات أو لوقف لغة التصعيد على المنابر بدل اللجوء إلى التهدئة حماية لمصالح لبنان واللبنانيين العاملين في دول الخليج.
وكان الرئيس سلام، الذي بدا منذ أيام في سباق مع الحراك المدني محاولاً قطع الطريق على تصعيد تحركاته الشعبية ضد عجز الحكومة عن حل موضوع النفايات، لوّح مرة جديدة بالرحيل في حال عدم مساعدته على إيجاد حل لأزمة النفايات المتكدّسة في الشوارع منذ 17 تموز/يوليو الفائت واستمرار رفض المطامر من قبل بعض القوى السياسية بعد فشل خيار ترحيل النفايات إلى الخارج. وفيما علّق الرئيس سلام جلسات مجلس الوزراء لو يدعُ إلى جلسة الخميس الفائت كتعبير عن عدم رضاه على سير الملف، فإن ما حُكي عن بوادر إيجابية لاحت بعد اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة بمعالجة ثلثي ملف النفايات حيث بات خيار المطامر هو الحل الوحيد لكن المشكلة تبقى في القدرة على اقناع الناس بتخفيف الرفض لإقامة مطامر في مناطقهم إما لاعتبارات سياسية وطائفية أو لفقدانهم الثقة بالسلطة التي ستتولى الإشراف على تجهيز المطامر ومتابعة الفرز والجمع والنقل ثم المعالجة.
ورأى محللون في تهديد سلام بالاستقالة موقفاً شخصياً في وجه القوى السياسية التي تعرقل حل أزمة النفايات أكثر منه موقفاً ينطوي على ضغوط يتعرض لها من تيار المستقبل أو حزب الله بغية فرط عقد الائتلاف الحكومي، حيث لوحظ أن الطرفين ورغم خلافهما الشديد على الخيارات الكبرى يحاذران المجازفة بالاستقرار العام نتيجة المجازفة بمصير الحكومة الذي قد يوصل إلى فراغ كل المؤسسات الدستورية ويهدّد بإنهيار البلد العاجز في غياب رئيس الجمهورية عن تأليف حكومة جديدة وعن تسيير شؤون المواطنين.
وعلى هذا الاساس، أكد حزب الله تشبثه بالأمن والسلم الوطني وطمأن إلى بقائه تحت سقف اتفاق الطائف، فيما ردّ تيار المستقبل بتمسكه بالحوار مع الحزب ورفض نعته منظمة إرهابية إسوة بدول مجلس التعاون الخليجي.
لكن على خط آخر، ثمة تصعيد ينتظره البلد من طرف رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون الذي يتحضّر لهزّ المسمار من جديد وإطلاق معركته يوم غد في 14 آذار في عشاء التيار الوطني السنوي، حيث من المنتظر أن يطلق مواقف تشكل انعطافة في مسار المعركة الرئاسية بعد شعوره أن أي تغيير لم يطرأ على الملف الرئاسي بعد لقاء معراب الذي تبنّى فيه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ترشيحه الأمر الذي جعل عون يتمتّع بأغلبية مسيحية واسعة وبميثاقية كبيرة من الصعب تجاوزها. وحسب المعلومات فإن العماد عون سيرفض تكرار التجربة التي عاشها المسيحيون بعد اتفاق الطائف حيث كان الآخرون يختارون الرئيس المسيحي.
وهكذا يمكن القول إن الرئيس تمام سلام يجد نفسه في موقفٍ لا يُحسَد عليه، وإلى حين إيجاد حل لكل الملفات الطارئة تبقى كل الاحتمالات مطروحة مع اقتراب صبر رئيس الحكومة من النفاد. ولعلّ ما يختصر المعضلة الحكومية هو ما أعلنه وزير الزراعة أكرم شهيب بعد اجتماع لجنة النفايات من أنه «إذا لم نجد حلاً لن ترونا هنا بعد اليوم».
&
التعليقات