محمد الساعد


حزب الله اللبناني مثل كثير من الأحزاب الإسلاموية السنية والشيعية، التي فشلت في تقديم نفسها كمعبر عن الطيف العربي الواسع، فحصرت نفسها كتيارات دينية تدافع عن أيدلوجيتها التي تقلدها، وطائفتها التي تنتمي إليها، ولذلك بقيت تلك الأحزاب تراوح بين مكونها الفقهي الضيق، وبين تنفيذها كمقاول من الباطن مشاريع وأجندات الدول الراعية لها.


السؤال الكبير هو متى بدأ حزب الله عداءه للسعودية ولماذا، لأن هذا هو ما سيجيب على الإجراءات الصاعقة التي اتخذتها السعودية تجاه الحزب خلال الأسابيع الماضية، والمتوقع اتخاذ ما هو أشد منها في مقبل الأيام.


لقد خسر الحزب الكثير ليس فقط بسبب عدائه السياسي للسعودية، بل بسبب طيشه وتهوره وخروجه من مظلة النضال التي كان يدعيها، إلى الانخراط في مشروع حصار السعودية ومحاولة الانقلاب عليها والدفع نحو انهيار حكمها، الذي قادته دول إقليمية صغيرة وكبيرة.
كان المشروع يقضي بحصار السعودية داخل أراضيها، بحزام من القلاقل والتنظيمات الإرهابية السنية والشيعية، ومن ثم الانقضاض عليها من داخلها وخارجها في الوقت نفسه، فاندفع «الحزب» إلى اليمن معتقدا أنه قادر على تكوين حزب الله آخر في الخاصرة السعودية الجنوبية، وساند بكل جنون محاولات الانقلاب على الحكم في البحرين، ودعم الإرهاب في العوامية.


بدأت حكاية حزب الله مع الفشل عندما اندفع للانفراد بالصوت الشيعي في لبنان في طريقه للانفراد بالصوت اللبناني والعربي لاحقا، فكان يأخذ قرارات الحرب والسلام حسب المزاج القادم من طهران، وانحاز مع من يتقاطع معه في الأفكار والأهداف والهيكليات، فأصبح حليفا مهما للنظام السوري، وقاعدة خلفية لجماعة الإخوان المسلمين، ومخزن أسلحة وتدريب للجماعات السرية الإرهابية في البحرين واليمن وبقية دول العالم العربي.
الحزب الإلهي -كما يصف نفسه- لم يكتف بذلك، بل ارتكب سابقا حماقته الكبرى، التي اعتقد معها أنه أصبح لاعبا رئيسيا في قاعة الكبار بمنطقة الشرق الأوسط والعالم، فنفذ بالمشاركة مع النظام السوري في العام 2005، عملية الاغتيال الأكثر دناءة وغدرا في حق رئيس الوزراء اللبناني «رفيق الحريري»، ضاربا السعودية في قلبها السني اللبناني.


لم يكن يدرك الحزب «الغشيم» سياسيا، أنه وضع أول مسمار في نعشه الإقليمي، وأنه انتقل من المنطقة الرمادية في علاقته مع السعودية، إلى المنطقة الحمراء حيث سيحترق لاحقا.
اليوم لم يعد «الحزب» مجرما بين دول الخليج فقط، بل تحول إلى حزب مطارد، يلاحق أعضاؤه وتصادر أمواله ويسجن المنتمون له في العالم العربي كله، يا لها من خسارة قاصمة بعدما كان حسن نصر الله يظن أنه «الزعيم الملهم»، ومن يراجع حسابات البيدر الآن وقبل عشرة أعوام، يجد أن حزب الله تحول اليوم إلى مجرد تنظيم إرهابي فاشل يتحرك في حدود حارة حريك.