&&شيوخ الأزهر يدافعون عن ثقافة الاعتذار والتسامح… ويغضون النظر عن ثقافة العدل والمساواة
&
حسنين كروم
&&رغم وصول اهتمامات الأغلبية بقضية إقالة وزير العدل المستشار أحمد الزند إلى ذروتها يوم الثلاثاء أول من أمس، إلا أنها سرعان ما تراجعت أمام قضية انخفاض الجنيه أمام الدولار، يوم أمس الأربعاء، بسبب طرح البنك المركزي عطاء جديدا للدولار بمبلغ مليار ونصف المليار دولار، والتحذير من ارتفاعات كبيرة في أسعار السلع الغذائية لا تقل عن خمسة عشرة في المئة، رغم اجتماع الرئيس مع رئيس الوزراء وطلبه حماية محدودي الدخل وعدم تحميلهم أعباء جديدة.
ومن الأخبار الأخرى التي تناولتها الصحف المصرية الصادرة يوم أمس الأربعاء 16 مارس/آذار، اجتماع الرئيس السيسي مع اللواء محمد العصار وزير الدولة للإنتاج الحربي، لبحث خطة الوزارة في التوسع في إنتاجها وتجويده. والاستعدادات لعيد الأم يوم الاثنين المقبل، وكثرة الإعلانات عن الهدايا. وتوقعات التغيير الوزاري المقبل بعد أيام، خاصة بعد أن خلا منصب وزير العدل. والأسباب الحقيقية لإقالته رغم ما نشر عن زلة لسان.
لأن زميلنا وصديقنا الرسام في «المصري اليوم» عمرو سليم أخبرنا أمس عن لسان الوزراء أنه شاهد صديقين أحدهما يقرأ في صحيفة للثاني عن زلة لسان وزير العدل فرد الثاني عليه ساخرا اللي في مارينا؟!.
والحقيقة أن عمرو أخطأ لأن منطقة لسان الوزراء في منطقة فايد في الإسماعيلية لا في مارينا في الساحل الشمالي. ومن الأخبار اللافتة، أن النيابة العامة بدأت التحقيق في البلاغ الذي قدمه المدير الفني السابق لفريق نادي الزمالك لكرة القدم أحمد حسام ميدو، ضد رئيس مجلس إدارة النادي، وعضو مجلس النواب مرتضى منصور، يتهمه فيه باستخدام ألفاظ جنسية ضده. كما أجلت محكمة النقض النظر في طعن عمرو الشوبكي في نتيجة انتخابات دائرة الدقي والعجوزة، التي فاز فيها أحمد مرتضى منصور، لحين ورود بطاقات الناخبين المصريين في الخارج من اللجنة العليا للانتخابات، ومراجعة أوراق الناخبين في الدائرة. ومن المعروف أن محكمة النقض أصبحت المختصة بالفصل في صحة عضوية النواب، بعد أن كان المجلس سيد قراراته، أي أن يأخذ بحكم المحكمة أولا. وألقت الشرطة في أسيوط القبض على ضابط شرطة طلب رشوة مئتي ألف جنيه من زميلنا محمد بدر، لتمكينه من استخراج قرار تمكن لأقاربه على قطعة أرض عليها نزاع. ووافق المفتي على قرار محكمة الجنايات في الشرقية بإعدام أب عاشر ابنته عشر سنوات، رغما عنها، وأنجب منها اثنين. وإلى بعض مما عندنا..
تصريحات الزند مست وترا حساسا لدى المصريين
ونبدأ بردود الأفعال التي تزايدت فجأة على قضية وزير العدل السابق المستشار أحمد الزند، وأولها إشادة «الأهرام» يوم الثلاثاء بقرار إقالته، في كلمتها «رأي الأهرام» في الصفحة الحادية عشرة وقولها: «جاءت إقالة وزير العدل المستشار أحمد الزند لتحسم الجدل المجتمعي حول تصريحاته المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم التي مست وترا حساسا لدى المصريين عموما، والمسلمين تحديدا، فما كان يجب أن يتلفظ بها مهما يأخذه الحوار الصحافي إلى مطبات أوقعته في مشكلات عديدة، ولعل سرعة اتخاذ الحكومة قرار إقالته تتضمن دلالة إيجابية على حسن التصرف وإدراك الأمور، فبطء اتخاذ القرار وهو ما كان ينفع في وقت مضى لم يعد صالحا في وقتنا الراهن، خاصة أن وسائل التواصل الاجتماعي تنشر الأخبار في التو واللحظة، ولم يعد ممكنا تكذيب ما صرح به وزير في لقاء ما، إذ سرعان ما يطلع الملايين على نص تصريحاته صوتا وصورة، وأسهم بيان مشيخة الأزهر الذي أبدى انزعاجه من حديث الزند عن النبي (صلى الله عليه وسلم) في سرعة اتخاذ القرار، وهو ما يحفز جميع المسؤولين لاحقا للأخذ بنصيحة الأزهر بعدم التعريض لمقام النبوة الكريم، والحذر من أن تلحق به إساءة حتى لو كانت غير مقصودة. من الدروس المستفادة في إقالة وزير العدل بهذه السرعة أن الدولة ترفع يدها مباشرة عن أي خطأ يرتكبه المسؤول، أيا كان موضعه في الحكومة، حتى إن اعتذر للشعب عن خطئه، فدرس الوزير أحمد الزند يعيد للأذهان، تذكر سلفه المستشار محفوظ صابر، الذي استقال على خلفية تصريحاته التي نمت عن عنصرية شديدة، أثارت غضبا مجتمعيا أدى في النهاية إلى استقالته آنذاك».
وزير العدل المقال لم يكسب الإعلاميين
أما زميلنا سيد عبد المجيد فقال في عدد جريدة «الأهرام» نفسه، كلاما لم أفهم منه إن كان شامتا في الزند أم حزينا عليه: «أراد المولى عز وجل أن يقع الزند في شر أعماله، ولو كان ترك انطباعا طيبا لدى الإعلاميين لساندوه في محنته، بل وتلمسوا له الأعذار، ولكن هيهات.. تركوه وحيدا أمام طوفان العبث ليلقى مصيره المحتوم، إذ انهالت عليه المزايدات من كل صوب وحدب، وهنا المفارقة أن تكون تلك المهاترات هي السبب في الإطاحة بالرجل، ولكن أصحابها الذين ارتدوا مسوح الدين زورا وبهتانا تناسوا أن عشرات من الأعمال الدرامية وأفلام الأبيض والأسود في السينما، إضافة إلى نصوص روائية زاخرة بمفردات على إيقاع عبارة «لو نزل لي نبي من السماء»، وهي لا تحمل أي مدلول أو إساءة للرسل، وفى مقدمتهم نبينا محمد بن عبد الله، ناهينا عن ذلك هو أنها كلمات دارجة على الشفاه تلوك بها ألسنة العوام والنخب، في الثقافة الحياتية يوميا، بل وكل ساعة تعبيرا عن المبالغة في القسم وتغليظ الأيمانات، ولا تلقى بالا فمن رددوها وسيرددونها لا يقصدون التقليل من مكانة الأنبياء وخاتمهم المصطفى شفيعهم يوم القيامة. إن ما حدث كشف بجلاء عن مأساة مروعة، وهي أننا صرنا مجتمعا سلفيا بامتياز وتلك كارثة في حد ذاتها».
إقحام الرسول الكريم في خلافاتنا وقضايانا
ومن «الأهرام» إلى «الجمهورية» الحكومية عدد يوم الثلاثاء أيضا وزميلنا السيد البابلي وقوله: «انفعل الإعلامي أحمد موسى وهو يعلق على إقالة المستشار أحمد الزند وزير العدل قائلاً: «يوم حزين على العدالة في مصر، ومن فرحوا بالقرار إرهابيون وخونة وطابور خامس». ويا أستاذ أحمد من أشادوا بقرار الإقالة ليسوا من الخونة ولا من الإرهابيين ولا علاقة لهم بالإخوان، وإنهم من المواطنين العاديين الذي أسعدهم أن الرئيس عبد الفتاح السيسي قد انتصر لرسول الله، وهذا هو كل الموضوع. وأتى الشيخ مظهر شاهين إمام وخطيب مسجد عمر مكرم، الذي لا نعرف ما هو دوره السياسي على وجه التحديد، واعتبر أن إقالة الزند انتصار للإخوان وليس للإسلام، وهو أيضا تصريح غريب وإقحام للإخوان في كل قضايانا، وربطهم بكل القرارات، وكأن للإخوان قوة وتأثير ونفوذ مازال قائماً، وإقالة الزند لا علاقة لها بالإخوان ولا بالصراع بين الإخوان والزند، فالإخوان في صراع مع السلطة وليس مع مسؤول بعينه وقرار الإقالة جاء ليطفئ نيران حريق وغضب لأن مصر كلها كانت مستاءة من إقحام الرسول الكريم، عليه الصلاة والسلام، في خلافاتنا وقضايانا. والزند سيظل قيمة وقامة قانونية وقضائية ولن يكون بعيداً عن الساحة طويلا. وتحدثت لميس الحديدي في تعليقها على إقالة الزند عن وجود صراعات بين بعض مؤسسات الدولة، بعد أن استبعدت كلمة وتعبير «مراكز القوى» الذي ذكرته في بداية حلقتها التلفزيونية. والحديث عن وجود صراعات من هذا النوع مخيف ومرفوض، لأنه يعني انقساماً في القرار السياسي وتصفية للحسابات من خلال الكثير من القرارات وتصيداً للأخطاء وبحثاً عن النواقص والعيوب».
أحمد كريمة: قانونكم ظالم وجبار والشريعة رحيمة
ونظل داخل جدران مؤسسة التحرير التي تصدر «المساء» التي قال فيها زميلنا ورئيس تحريرها الأسبق محمد فودة: «الرجل اخطأ في حق النبي عليه الصلاة والسلام، لكنه سرعان ما شعر بالخطأ الذي ارتكبه، وأعلن اعتذاره فورا وقال إن هذه كانت زلة لسان، وأذاع هذا الاعتذار علنا في أكثر من قناة تلفزيونية وأذاعته أيضا المواقع الإلكترونية لكل الصحف، مؤكدا أن الرسول عليه الصلاة والسلام سيعفو عنه باعتباره رسول الرحمة، «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين». معظم الرأي العام في مصر حزين جدا على إقالة المستشار أحمد الزند، إلا نفراً قليلاً جدا من مقدمي البرامج على إحدى الفضائيات الكارهين أصلا للزند، ولا ندري لذلك سببا! وهم بهذا تحولوا من مجرد تقديم البرامج إلى زعماء سياسيين وخطباء يوجهون الناس طبقا لأهوائهم، من دون أن يدركوا أن البلد في حاجة إلى رجل قوي يقف بصلابة في هذا الوقت ضد الإرهاب والإرهابيين، وإذا عدنا إلى رجال الدين سنجد أن اثنين من أساتذة الأزهر المشهود لهم بالتفقه في أموره، مثل الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الأزهر، قال إن العبارة التي ذكرها المستشار الزند فيها حرف «لو» وهو حرف امتناع لامتناع، وهو لم يتهجم مباشرة على النبي، والرسول أوصى بدرء الحدود بالشبهات، ويجب الاحتكام إلى الشريعة لأن قانونكم ظالم وجبار، والشريعة رحيمة. الشيخ مظهر عاشور إمام مسجد عمر مكرم قال إنه طالما أن الزند قد استغفر الله يقبل منه الاستغفار والاستتابة، ولا يصح تعليق المشانق للزند. وقال الشيخ ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية: لقد سمعت المقطع الذي ذكر فيه اسم النبي، وهو لا يقصد منه الاستهزاء أو السب كما يقول البعض».
أمر المخطئ موكول إلى الله
ولا زلنا داخل مؤسسة التحرير التي تصدر جريدة «عقيدتي» الدينية وقول رئيس تحريرها زميلنا جلاء جاب الله: «اعتذار الزند للحبيب لا يعفيه من المحاسبة لدى الرأي العام، الذي رفض زلة لسان الزند لأسباب متعددة. الغالبية العظمى رفضت أي تطاول على الحبيب، حتى لو اعتذر بعده ألف مرة، فالحبيب المصطفى خط أحمر ولا مناقشة بعد ذلك حتى لو بألف اعتذار. العقلاء تقبلوا الاعتذار لأن ما بين الحبيب والمسلمين لا دخل لنا به، والله وحده يعلم بالنوايا، وما دام المخطئ قد اعتذر عما بدر منه فأمره موكول إلى الله، وتجاوز بعض العقلاء هذا الحد وقالوا إنه مجرد تشبيه، كما قال رسولنا الكريم نفسه لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها، وهل تسرق فاطمة بنت الحبيب التي نهلت من أخلاقه؟ لكنه فقط كناية عن التأكيد على ضرورة إقامة الحدود مهما كان فاعلها. الأزهر بعقل واتزان أصدر بيانا في هذا الأمر حذر فيه بشدة كل من يتصدى للحديث العام في وسائل الإعلام، بالتعرض لمقام النبوة الكريم في الأحاديث الإعلامية العامة، صونا للمقام النبوي الشريف عليه الصلاة والسلام، في أن تلحق به إساءة حتى لو كانت غير مقصودة، لأن المسلم الحق هو الذي يمتلئ قلبه بحب النبي صلى الله عليه وسلم وإجلاله وتقديره واحترامه، لأن الحب يعصم الإنسان من الزلل في جناب الحبيب عليه أفضل الصلاة والسلام. كان التصرف السياسي تجاه وزير العدل الذي طولب بالاستقالة ثم تمت إقالته أو إعفاؤه من منصبه حتى يحسم القرار الجدل في الشارع، ويئد الفتنة في مهدها ويقتل كل محاولات استغلال زلة لسان غير مقصودة لإشعال فتنة لا يستفيد منها أحد سوى أعداء الدين والوطن».
حانت لحظة الحقيقة
ونغادر دار التحرير إلى جريدة «روز اليوسف» الحكومية ونقرأ لزميلنا أيمن عبد المجيد هجوما كاسحا على الزند امتد أيضا إلى توفيق عكاشة بقوله: «لا تخلو إقالة الزند ومن قبله إسقاط عضوية عكاشة ومن سيليهم في مقبل الأيام، من خلفيات وفلسفات.
النظام يتخفف من أعباء شخصيات سياسية فرضتها عليه المعركة مع الإخوان قبل 30 يونيو/حزيران وباتوا يمثلون عبئًا يستنزفون أرصدته الجماهيرية بما يصدر عنهم من تصريحات وما يحوم حولهم من شبهات وما يعانونه من تضخم الذات، تلك الشخصيات الملوثة لأي نظام إصلاحي يسعى لتثبيت أركانه كانت تستند لظهير شعبي مخدوع. عكاشة خلفه دراويشه الجاهلون بتاريخه، يعتقدون في وطنيته ونزاهته. والزند كان يستقوي بالقضاة عبر ناديهم الذي يرأسه، والاقتراب منه يعني إطلاقه لشعارات الدفاع عن حقوق القضاة وكرامتهم للتشويش على نظام في مرحلة بناء الأركان، كيف الخلاص منهم وقد لبسوا ثوب النضال والثورة؟ وتكتلوا في لوبي ضاغط يضم القاضي والإعلامي والمحامي. يظهر الزند مع عكاشة في فضائيته الملاكي مستنكرًا تجاهل الدولة منحه المكاسب وهو الثوري الكبير! الشرطة تلقي القبض على عكاشة لتنفيذ حكم قضائي لهروبه من سداد نفقة طفله المنكر له وطليقته، فيهرول الإعلامي متضامنًا والمحامى مهللاً والزند متوسطًا، ويتحول الأمر إلى ثورة شعارات وانتقادات لوزارة الداخلية، كيف تجرأ الوزير بالقبض على المناضل الكبير؟ اللوبي ساند أفراده حتى وصل بعضهم للبرلمان والقاضي لمقعد الوزير، كيف الخلاص من هؤلاء المنفلتين وقد باتوا خطرًا على السلم المجتمعي؟ افتح لهم الأبواب على مصارعيها أنفخ في ذواتهم القابلة للتضخم ليحفروا بأيديهم قبورهم، حتى إذا جاءت الفرصة السانحة وهبطت شعبيتهم لأدنى مستوياتها، يتم ذبحهم لدرء خطرهم. وحانت لحظة الحقيقة ليسدل البرلمان الستار على عكاشة وهو يغادر خشبة المسرح موصوما بخيانة ضمير الوطن تلاحقه لعنات المصريين، بينما الزند يرحل مخلوعا موصوما بالتطاول على خاتم المرسلين. الجمهور يصفق تحية للرئيس عبد الفتاح السيسي صادق الوعد يصلح بإستراتيجية النقاط، لا يتعجل الصدام لحين تثبيت الأركان فإذا الوقت حان منح الفاسد سكينه ليذبح بها نفسه».
الكيل بأكثر من مكيال
ومن روز اليوسف إلى الأخبار الحكومية وزميلتنا الجميلة عبلة الرويني وقولها في عمودها اليومي «نهار»: «شيوخ الأزهر (الوسطيون جدا) طالبوه بالاعتذار (وعفا الله عما سلف). وعلق الشيخ خالد الجندي على قرار إقالة الزند آسفا (بأننا لا نملك ثقافة الاعتذار، ونغلق الأبواب أمام سبل التوبة والاعتذار وهو ما يخلق دواعش في المجتمع). شيوخ الأزهر الذين انبروا دفاعا عن ثقافة الاعتذار وثقافة العفو والتسامح يبدو أنهم لا يعرفون شيئا عن ثقافة العدل والمساواة فلم نسمع لهم صوتا في حبس أطفال المنيا (5 سنوات) بتهمة ازدراء الأديان بسبب مشهد تمثيلي على (الموبايل) رغم اعتذارهم واعتذار أهلهم وأهالي قريتهم! ولم يطالب أحد منهم بالإفراج عن الطفل (محمود محمد) المحبوس عامين بسبب ارتدائه «تي شيرت» كتب عليه وطن بلا تعذيب. وأسرع الأزهر باتهام الباحث إسلام بحيري بازدراء الأديان والحكم بحبسه 3 سنوات، بسبب رأيه النقدي في البخاري والأئمة الأربعة، اتهموه مباشرة ولم يطالبه أحد بالاعتذار، رغم انه لم يسئ إلى النبي عليه السلام، الأمر يتجاوز (زلة لسان) المستشار إلى أهمية وضرورة محاسبة المسؤول قبل أي شخص آخر، إلى المساواة في الحق وفي الواجب بين الناس جميعا من دون الكيل بأكثر من مكيال».
الإقالة وحدها لا تكفي
ونظل داخل مؤسسة أخبار اليوم التي تصدر كل ثلاثاء مجلة «آخر ساعة» حيث كان رئيس تحريرها زميلنا محمد عبد الحافظ في غاية الغضب لدرجة أنه قدم مقاله كبلاغ للنيابة العامة ضد المستشار الزند قال: «الحكومة هي واجهة النظام ولا توجد حكومة في العالم كاملة الأوصاف، ولكن يوجد حد أدنى للأداء الحكومي، إذا انخفضت عنه كان لابد من تغييرها بالكامل، أو تعديل بعض الوزراء الذين تسبّبوا في الإخفاق، ومنذ أن تولى المستشار أحمد الزند وزير العدل رئيس نادي القضاة سابقاً، وهو يدلي بتصريحات مستفِّزة للرأي العام على كافة المستويات، الفقراء والأغنياء والمثقفين وما دونهم. ما قاله في حواره الأخير المذاع على إحدى القنوات الفضائية تجاوز المدى ومر يوم واثنان وثلاثة وكأن شيئا لم يكن، وكأنه لم يتجاوز في حق نبينا محمد (صلى الله وعليه وسلم) وكأنه لم يخطئ في حق 2 مليار مسلم، مصريين وعرباً وأجانب، ومن كل أجناس الأرض. وزير العدل لم يجرؤ أن يضرب هذا المثل على رئيس الوزراء ويقول إن رئيس الوزراء لو أخطأ هحبسه، ولكنه تطاول على النبي محمد (صلى الله وعليه وسلم) وقالها وكيف يجهل وزير العدل أن محمداً (صلى الله وعليه وسلم) منزه عن الخطأ والسهو والنسيان ومعصوم ولا ينطق عن الهوى. ويقول الله تعالى في سورة النجم «وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علّمه شديد القوى» صدق الله العظيم. وكيف يقول الزند ذلك ولا يعرف أن الإسلام بُني على خمس أولها شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فكيف يُقرِن الله تعالى اسمه بنبي يخطئ؟ وإذا كانت الهفوات والكبوات يمكن أن تُقبل من الأناس العاديين فلا يمكن أن تُقبل من وزير للعدل في مصر بلد الأزهر. وما قاله الزند هو مساس بحق كل مسلم يعيش في هذا البلد ولن أقول كما يقول البعض أن للنبي (صلى الله وعليه وسلم) رباً يحميه، فبأبي وأمي وأولادي ونفسي يا رسول الله. الحكومة أخذت حقها السياسي وأنقذت نفسها من السقوط المبكر بإقالة الزند بعد أن رفض الاستقالة، وربما يكون هذا أفضل شيء إيجابي فعلته حكومة شريف إسماعيل، رغم تأكدي أنه لولا تدخل الرئيس السيسي ما أقالوه. مازال حق الشعب مهدراً فالإقالة وحدها لا تكفي ولن يبارك الله لنا ولا خير فينا إذا لم نحمِ رسولنا (صلى الله وعليه وسلم) .
وجه الدولة الضعيف
وبعد انتهاء جولتنا في الصحف الحكومية نواصلها في الصحف الخاصة في يوم الثلاثاء نفسه بادئين بـ»المصري اليوم» وصاحبها رجل الأعمال صلاح دياب وقوله في عموده اليومي الذي يوقعه باسم نيوتن: «خروج الزند بهذه الطريقة ولسبب غير جوهري لأننا نعرف جميعاً أنها زلة لسان مقصدها حسن النية، فجاء رد فعل الدولة مبالغاً فيه قاسياً في غير محله، وكأن الزند عدو لها. ما حدث لا ينال من الزند، بل نال من الحكومة ذاتها من هيبتها ومن هيبة وزرائها، هذا ما نعانيه منذ ثورة يناير/كانون الثاني، وكأنه لا كرامة لنبي في وطنه. هان على الحكومات أعضاؤها فهانت الحكومة على الناس، ولِمَ لا وهناك رجل حكم مصر 30 عاماً وقدَّم لها الكثير قمنا بسجنه. تعامل الحكومة بهذا الشكل يعرقل الوزراء يجعل يدهم مرجفة، لا تقوى على العمل أو اتخاذ قرار، فزاد خوفهم خوفاً على خوف من الجماهير، خوف من القوانين والتشريعات القديمة خوف من الفساد والآن خوف من الفريق الذي ينتمي إليه ويعمل فيه، خوف من الحكومة نفسها. أعطوا الوزراء القادمين حصانة من غضب الدولة، تحصلوا على أحسن العناصر وأسرع القرارات».
المستشار الزند في سوق الرأي العام
وفي «اليوم السابع» قال زميلنا وائل السمري: «سبب رعبي من إقالته بهذه الطريقة، هو أن الدولة بهذه الإقالة أثبتت أنها «دولة مرتعشة» وأنها قابلة للابتزاز والخضوع للضغط الغوغائي بشكل كبير، لأننا إذا تأملنا السبب المباشر الذي أقيل المستشار الزند بسببه سنجد أنه هذا التصريح الذي قال فيه إنه لا أحد كبير على المحاكمة حتى «النبي»، ثم استدرك واستغفر وهو ما يعنى أن الأمر لا يتعدى «زلة لسان» وقع فيها الزند من دون قصد، لكن الدنيا ثارت ضده ولم تقعد، مع العلم أن الله ذاته لا يحاسبنا على زلات ألسنتنا والدليل على هذا أن الله فرح حينما قال رجل «اللهم أنت عبدي وأنا ربك» بدلا من أن يقول «اللهم أنت ربى وأنا عبدك»، وذلك لأنه يعلم أن الرجل وقع في زلة لسان، وأنه لم يكن يقصد ما قاله «حرفيا». ما حدث في «أزمة الزند» يؤكد أن الدولة فعلت شيئا أشبه بـ«تعويم الجنيه» فوضعت المستشار الزند في سوق الرأي العام ليخضع وحده إلى قانون العرض والطلب».
تراكم السقطات هي التي أودت بالزند لنهايته
وإلى «الشروق» وزميلنا أحمد عويس وقوله: «وصف هيثم الحريري إقالة الزند بأنها أمر إيجابي، مضيفا في تصريحات لـ«الشروق» أنها المرة الثانية التي تتم فيها إقالة وزير للعدل بسبب تصريحات غير منضبطة، وهو الأمر الذي يجب أن يكون بمثابة «رسالة» لأي وزير في المستقبل، تدفعه لمراعاة أسلوب ومضمون حديثه جيدا. إقالة الزند جاءت بعد عدة تراكمات، وأن التصريح الأخير الخاص بـ«حبس النبي» ما هو إلا «القشة التي قصمت ظهر البعير». النائب عن حزب المصريين الأحرار أيمن أبو العلا يؤكد أن الطريقة التي تمت بها إقالة الزند تشير إلى تعاظم إحساس الحكومة بأن مردود تصريحاته بلغ حدا لا يمكن التصرف حياله بالصمت أو الإبقاء على الأمور كما هي. وشدد النائب الوفدي علي رياض لـ«الشروق» أن حظ الزند جيد، رغم كل شيء، لأن هذا التصريح صدر في غيبة البرلمان وأن «رد فعل عنيف» كان ينتظره لو كانت الجلسات العامة منعقدة، واصفا قرار الإقالة بـ«الصائب». كان على الزند أن يضبط حديثه من موقعه كوزير للعدل في مصر، وعلى جميع المسؤولين والوزراء مراعاة حديثهم في ما بعد وإدراك أن لكل كلمة حساب وتأثير، وأن الإجراءات الآن باتت أسرع وأكثر فعالية عن ذي قبل، وهم ليسوا بمنأى عن يقظة الرأي العام. يصف النائب عن تحالف «دعم مصر» محمد أبو حامد الوزير المقال بأنه شخصية «وطنية غيورة ومتدينة» مؤكدا أنه لا يشك أبدا في أن حديثه خرج من دون قصد، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنه لم يراع حساسية منصبه وما يمثله من موقعه كوزير للعدل الخطير، إلى جانب تأويل التجاوز بحق النبي، هو أن الزند لا يحق له أن يسجن أحدا فذلك من صلاحيات القضاة والقضاء وليس الوزير التنفيذي لذا تراكم مثل هذه السقطات هي التي أودت به في النهاية وليست جماهير الفيسبوك كما يشاع «.
محمود الكردوسي: أنا مع الزند وضد هذه «الحفلة»
ومحطتنا الأخيرة ستكون في «الوطن» الثلاثاء التي شهدت صفحاتها معارك عنيفة ما بين مؤيد ومعارض بدأها رئيس التحرير التنفيذي زميلنا محمود الكردوسي «ناصري» وهو من كارهي ثورة يناير/كانون الثاني، ومتشكك فيها بأن صرح بأعلى صوته مهاجما الرئيس بقوله: «باختصار وبلا مواربة وقبل الدخول في تفاصيل ما جرى للمستشار أحمد الزند: هذا ليس مقالاً محايداً ولا تسجيلاً لموقف أو إبراء لذمة، هذا انحيازي اختياري هذا موقفي: إذا لم يُعجبك أو نحنحتَ أو استدركتَ بـ«لكن» فاضرب رأسك في «أتخن» جدار.. كنت كتبت على صفحتي في «فيسبوك» قبل يومين من واقعة الزند: «قول واحد ثورة 30 يونيو/حزيران تأكل شرفاءها أو تتركهم يؤكلون». الآن وبعد إقالة الزند بهذه الطريقة المهينة لن أجد حرجاً في القول: يخطئ النظام الحالي إذا تصور أنه يمثل «25 يناير» مهما خطب ودّ مرتزقتها، أو حاول أن ينصفهم. ويخطئ أكثر إذا تصور أن الفجوة بين «25 يناير» و«30 يونيو» يمكن أن تسدها ديباجة دستور، أو اعتراف رئاسي عابر، أو محاولات احتواء أو بضع مناصب وعطايا. يؤسفني أن أقول للسيد الرئيس والذين معه: جبهة خصومكم تتسع، وأخشى أن أقول أن استهتاركم أو غروركم أو حساباتكم الخاطئة أو كلها معاً ستؤدي إلى كارثة ستخسرون معسكر «30 يونيو»: إن لم يكن بـ«العك السياسي» فبالعبث بلقمة العيش. زلة لسان الزند الأخيرة قاسية، وقد اعتذر واستغفر وبحساب النوايا لا يمكن وصفها بأنها زندقة أو ازدراء، لكن زلات النظام أشد قسوة وأكثر من أن تُحصى، وآخرها تلك الإقالة المهينة البائسة أنا مع «الزند» وضد هذه «الحفلة»…».
« أحمد الزند مش واحد… أحمد الزند كتير»
أما زميلنا محمد فتحي فقد قال في العدد نفسه من «الوطن»: «… هذا وزير غير سياسي وغير مسؤول وتصريحاته تثير أزمات. صحيح أننا البلد الوحيد الذي سجن نبياً، وكان نبي الله يوسف، لكن فعلها «العزيز» قبل أن يعرف أنه نبي، كما أن (الدولة) التي تحاكم أطفالاً بتهمة ازدراء أديان تصبح دولة جاحدة وغير عادلة إذا لم تُقِل وزير عدلها بعد كل ذلك.. ولاّ انتَ رأيك إيه؟ هناك سؤال يطرح نفسه لا أحد يريد الإجابة عليه: ما هو الإنجاز الذي حققه أحمد الزند في وزارة العدل؟ ماذا فعل خلال الشهور التي تولى فيها المسؤولية بخلاف تصريحاته المستفزة المثيرة للجدل؟ هل لمس المواطن أي تغيير في منظومة العدالة أو المصالح الحكومية المسؤولة عنها وزارة العدل للأحسن؟ هل لمس إصلاحاً حقيقياً؟ هل أجرى الإعلاميون كشف حساب حقيقيا لوزير العدل، أو واجهوه بما يتردد وينشر حول بدلات القضاة، أم كانت استضافاته مجرد نقطة في فرح الصداقة والعلاقة المتينة، فلا المتين بينفع ولا المتينة ع الأصل دور، أو كما قال سمير غانم.
الحوار الوحيد الحقيقي والمحترم والمهني الذي أجري مع الرجل أجراه الكاتب الصحافي حمدى رزق، فلما مارس المهنة، انكشف الوزير، فكان لزاماً أن يرحل.. الزند لازم يرحل. وزير عدل هو الخصم لعدد من الصحافيين، ويؤكد (وهو في موقع الحكم) أنه سيسجنهم، وأن السجون خلقت لهم.. ألا يعد ذلك تدخلاً من فخامة سعادة جنابه في أعمال القضاء؟ أحمد الزند مش واحد.. أحمد الزند كتير.. شبكة علاقات ومصالح ومعارف وإعلام انتفض كثيرون منهم للدفاع عن الرجل والهجوم على قرار (إقالته) لا لشيء إلا لأنه صديقهم. هم لا يريدون كإعلاميين أن تدار الدولة بـ«فيسبوك»، لكنهم يحبون أن تدار الدولة من خلال برامجهم ومقالاتهم.. أفلا تكبرون؟
نادي القضاة (لحق نفسه) حين أعلن أن البيان المنسوب إليه قبل الإقالة وليس بعدها، وأكد على احترامه للسلطة التنفيذية، وأي شيء آخر: عيب. ورأيي أن يصمتوا ويلموا الدور تماماً لأن مكانهم المنصة وتعبيرهم عن الأمر تدخل في السياسة وفي شؤون سلطة المفترض أنهم مستقلون عنها كما أنها مستقلة عنهم. سيادة المستشار الجليل أحمد الزند.. هل صليت على النبى اليوم؟».
&
التعليقات