&ناتالي نوجايريد

تعرضت مؤسسات ووكالات إنفاذ القانون والبنية التحتية الاجتماعية في بلجيكا لكثير من الانتقادات بعد هجمات بروكسل، ربما يكون لبعض هذه الانتقادات ما يبررها، لكن انتقادات السياسيين والمعلقين الفرنسيين خاصة كانت مخادعة وفي غير محلها، لأن فرنسا ليست كما لو تعاملت بشكل خاص مع ظاهرة الجهاد العنيف على أراضيها، وإنها ليست في موقع إعطاء دروس بشأن الاندماج الاجتماعي لشباب المسلمين.

وبعد ساعات من تفجيرات بروكسل، تحدث وزير المالية الفرنسي، ميشال صابين، عن الإسلام ولمَّح إلى أن تعدد الثقافات جزء من المشكلة. ولكن فرنسا تواجه العديد من المشاكل في ضواحيها، حيث فتحت مشكلة بطالة الشباب والشعور بالإقصاء والتهميش الواسع، مجالاً للتشدد.

ورد وزير الخارجية البلجيكي بأن مشاكل الانعزالية ينبغي النظر فيها معا، وليس بشكل منفصل، وأما بالنسبة للانتقادات عن الشرطة وقوات الأمن في بلجيكا، فإن هناك الآن معلومات موثقة جيداً بأن الشبكات المسؤولة عن عمليات القتل في باريس وبروكسل على اتصال ببعضها، وبالتأكيد أي فشل في منع هذه الهجمات المتتالية يجب أن تكون مسؤوليته مشتركة من قبل السلطات الفرنسية والبلجيكية على حد سواء.

أما بالنسبة لردة الفعل السياسي للإرهاب من وجهة نظري، فإن بلجيكا لديها سجل أفضل من فرنسا. فلقد قدم وزيران في الحكومة البلجيكية استقالتهما، وهما وزير الداخلية ووزير الخارجية بعد تفجيرات بروكسل مباشرة، بينما في فرنسا -على الرغم من أنها واجهت هجومين إرهابيين واسعي النطاق خلال عام واحد- فإنه لم يُقدم أي مسؤول استقالته.

وأعتقد أن تطبيق العلمانية على الطريقة الفرنسية المتشددة يُفسر شعور شباب المسلمين بالتهميش في المجتمع، وبالتالي يصبحون أهدافاً سهلة للتجنيد في صفوف تنظيم داعش. كما أن فرنسا وبلجيكا تمنعان النساء من ارتداء النقاب في الأماكن العامة، وقد انتقد هذا القانون واعتبر تمييزا ضد المسلمين.

كما يُفسر أحد أسباب الإرهاب الجهادي الذي يعاني منه كلا البلدين إلى أن تركيز فرنسا الصارم على العلمانية يجعل الكثير من الشباب المسلم يشعر بعدم الانسجام مع المجتمع، وبالتالي يصبح أهدافاً سهلة لتجنيدهم في تنظيم داعش.

ولكن علمانية بلجيكا تختلف عن علمانية فرنسا، لأنها لا تنص على فصل نهائي بين الكنيسة والدولة. ولا يمكن، أن نرى في العلمانية سببا لانتشار الإرهاب، فبريطانيا لا تفصل بين الدين والدولة وقد تعرضت لهجوم تنظيم داعش عام 2005. وتعرضت الدنمارك لهجوم في فبراير 2015 أيضاً. بلجيكا لا تسعى إلى إعادة كتابة أجزاء من دستورها أو إلى تجريد الجناة الإرهابيين من جنسياتهم بحجة أن هذا من شأنه تعزيز أمنها القومي.