&جوناثان مارجوليس من لندن&

سيان، فتاة لطيفة من كاليفورنيا تبلغ من العمر 30 عاما تقريبا وتعيش في لندن، تتحدث عن الوقت الذي ذهبت فيه الشهر الماضي إلى "بريكستون أو2" لمشاهدة فرقة مشهورة، فرقة "1975".

&تقول سيان: "لا أذكر في الآونة الأخيرة أنني التقيت مع مجموعة من الفتيات في العشرينات من العمر وقد صدمت حقا بمدى تعلقهن بالهواتف".

&"في كل شيء حولنا، كان الناس يعملون على تطبيق السناب تشات والرسائل ونشر المواضيع عبر قنوات التواصل الاجتماعي بلا توقف. إحدى الفتيات كانت عاكفة على إرسال الحفلة الموسيقية إلى شخص ما عبر فيس تايم. وكانت الحفلة هي الخلفية بالنسبة إليهن، بينما كن منكبات على هواتفهن".

&الناس الذين يحبون فرقة "1975" من المحتمل أن يكونوا متعلمين حلافا لجمهور جوستين بيبر، إن جاز التعبير. لذلك ما أثار نفور سيان هو عادات التكنولوجيا لدى فئة ديموغرافية شابة ومحترفة من طلاب الثانوية.&

واختتمت حديثها بالقول: "وجدت الأمر مؤسفا جدا كونهن في حالة اتصال دائم حيث إن ذلك يجعلهن في انقطاع تام على ما يبدو عما يحدث أمامهن. وهن في تركيز على التوثيق يضيعن التجربة الحقيقية".&

وأظن أنه من المحزن أيضا، حتى إن كان من الصعب عدم الشعور بالتسلية، حين يساور الأشخاص الذين هم في الثلاثينات من العمر شعور باليأس من ممن هم في العشرينات من العمر.&

روبرت كولفيل، وهو مؤلف كتاب جديد بعنوان "التسارع العظيم"، حول السرعة المتزايدة للحياة العصرية، يشير إلى سلوك الناس مع الأجهزة المحمولة بأنه أقل تعددا في المهام من سلوك الطائر الطنان.&

كنت أفكر في ذلك الوصف المناسب في نهاية الأسبوع الماضي بينما كنت جالسا في متنزه بجانب جامعة تكساس في أوستن. كنت مستمتعا بالشمس التي لم أرها منذ زمن طويل، لكن وجه كل طالب ذكي في الجوار كان مركزا في القطعة السوداء المستطيلة أمامه.

&لم يكن هذا أسوأ ما رأيت في حياتي، لكنه لم يكن جميلا. لكن بعد ذلك، رن هاتفي، كانت رسالة من صديق في فرنسا وعلى الفور تحصنت أنا أيضا بشاشة هاتفي لتقيني ضوء الشمس، ولم أكترث بكبار السن، أو ذوي الوزن الزائد، أو الرجال قصيري النظر من حولي.&

في الوقت الذي أتفق فيه مع سيان بأن ما تصفه من حفلة بريكستون ليس جميلا، من الصعب علي فصل نفسي عنه تماما. كما أنني لست متأكدا إن كان أي من هذه الأمور، ولا حتى صور السلفي، أو الرسائل القبيحة تماما، والتنمر عبر الإنترنت وبقية الأمور، تمثل نهاية الأيام تماما.&

أولا، الإدمان على أجهزة الهاتف المحمول هدفه أساسا هو الاتصال. وما كنت أظنه دائما أمرا جيدا - أفضل من تكنولوجيا الواقع المرير، كان من المفترض أن يطلق العنان لجيل من الشباب المنعزل المنطوي القادر على التواصل فقط مع ألعاب الكمبيوتر.&

لكني أريد الوصول باللامبالاة لدي إزاء إدمان الشباب على التواصل إلى مستوى آخر، لأشير إلى أن كل جيل في التاريخ تعرض للترويع بسبب بعض العادات الخاصة بالأشخاص الأصغر سنا. واستطرادا، سيكون أطفالنا على الأرجح على ما يرام، وسيعيشون لشجب أية معايير ثقافية يفرضها الذين هم الآن في السنة الأولى أو الثانية من عمرهم.

&قبل الاستخدام المروع لوسائل التواصل الاجتماعي، مثلا، كان يفعل الأطفال السيئون شيئا مماثلا تماما - استخدام الجرافيتي (الكتابة على الجدران). أما الآن فهم يمارسون التنمر عبر الإنترنت، وسابقا كانوا يدنسون سمعة أقرانهم عبر جدران الحمامات. لا أرى فرقا كبيرا.&

ومن ثم كان هناك ذلك الاختراع الحديث الفظيع، الهاتف، الذي يعتبر الآن رجعيا بصورة سارة وآباء التكنولوجيا يتوقون لأن يستخدم أبناؤهم مزيدا منها.

&مع ذلك، أذكر محاضرة قدمها معلم مدرسة متوسطة في الستينيات تتحدث كيف أدى الهاتف إلى شيء يؤسف له، وهو القضاء على كتابة الرسائل من قبل الأمريكيين وما أشبه ذلك.&

في السبعينيات أخبرنا مختص في التربية البدنية أن ركوب الدراجات - وهي موضة متزايدة للأولاد لتسريع الوصول إلى المدرسة - كان أمرا يخص الأولاد الكسولين الخاسرين الذين يعانون السمنة.

&خلال الفترة الزمنية التي عاشها جيل والدي، كان الاستماع إلى الشبكة اللاسلكية شكل القراءة الذي يميز الشاب الخامل الضعيف.&

في محاورة أفلاطون (فايدروس)، كان يتم تصوير الكتابة على أنها تكنولوجيا مزعجة تخريبية وغير مرغوب فيها. وكانت المحادثات والحوارات هي الطريقة الصحيحة لفهم الأمور.&

ريتشارد جوت، أستاذ الفيزياء الفلكية في جامعة برنستون، أشار في بحث أجراه في عام 1993 إلى أنه مثلما أشار كوبيرنيكس بكل جرأة، إلى أن عالمنا ليس مركز الكون، من المستبعد جدا أن أي وقت من الأوقات يكون خاصا بشكل مميز.&

لذلك على الرغم من أن كل جيل يحب الاعتقاد بأنه يعيش في زمن ذي أهمية عظيمة ـ عادة ما تكون فظيعة، من الناحية الرياضية ـ من المرجح أن تكون تقريبا جميع الحقب الزمنية ذات طابع رتيب إلى حد ما.&

لذلك أعتقد اليوم أن نرجسية وسائل التواصل الاجتماعي المتفشية وما إلى ذلك هي في الأساس مشابهة للقديم تماما.&

أقول لكم رغم ذلك، بحلول عام 2025 فإن من هو الآن في العشرينات من عمره سيغضب جدا بسبب الأطفال الذين سيصادفهم في الحافلة ومعهم نظارات الواقع الافتراضي من جوجل، وهم مركزون جدا على العبث مع أصدقائهم في العوالم الافتراضية، حيث تفوتهم التجربة الفعلية الواقعية لكونهم موجودين في الحافلة.&