&فاطمة آل تيسان&&

النقد الفني يأخذ حيزا بارزا في رمضان تزامنا مع ذلك الحشد البرامجي الذي يتزاحم، بحيث تعجز عن ملاحقته ما لم تضع أولويات للمتابعة وفق ذائقتك أو ما ترى طرحه يلامس شيئا من مشاكل مجتمعك، غاضا الطرف عن فنيات العمل الدقيقة التي ربما ركز عليها البعض كمقياس لنجاح العمل أو فشله، وقد يكون السواد الأعظم من المشاهدين هم أولئك الذين يتحمسون للفكرة التي تناقش مشاكل يعجزون هم عن مناقشتها، إما لعدم القدرة على الصدام مع أطراف أخرى أو لفقدان الآلية الصحيحة للمعالجة، بل لا تشغل بالهم تلك الجزئيات ما دامت الفكرة الأساسية واضحة، وهذا ما يرونه في مسلسل سيلفي وقبله طاش، فالمشاهدة عالية جدا وفي المقابل النقد يتضاءل إلا من الفئة التي ترى أبعد من مجرد نقاش ظاهرة أو مشكلة اجتماعية.

وإحقاقا للحق فإن المسلسلين ناقشا قضايا اجتماعية وحققا شهرة واسعة، بل حضورا قويا لا ينازعهما عليه برنامج تلفزيوني آخر "محليا"، حتى والبعض يخرج بعد عرض الحلقات لينتقد إما تجسيد الفكرة وضعفها أو تواضع المشاهد قياسا على التقنيات المتوفرة والأسماء الفنية ذات الخبرة الطويلة في العمل، وأيا كان النقد محقا إلا أن المسلسلين هما الأكثر جرأة وملامسة لمشاكلنا، سواء الاجتماعية أو الإخفاقات الخدمية للمؤسسات الفاعلة التي تقع عليها مسؤولية خدمة المواطن وتحقيق الحد الأدنى من طموحاته.

نحن لا نرفض النقد البناء ولكن التطرف في بعضه هو ما نتحفظ عليه، خصوصا ذلك الذي يصل به الأمر للمطالبة بوقف عرض المسلسل، وهنا نتساءل ويحق لنا ذلك أين البديل؟ الذي يتحدى الحواجز عارضا مشاكلنا بذلك الوضوح، متحملا سخط الفئة التي تخاف الإعلام وتحاربه لأنه من يسلط الضوء على تجاوزاتها وتضييقها على الناس، بعض الأعمال أو البرامج التلفزيونية التي تناقش قضايا مهمة يكفيها أهمية الموضوع وحضوره والمباشرة في طرحه، الأمور الفنية الأخرى حتى وإن كانت مهمة إلا أنها تأتي كمرتبة ثانية تدعم قوة الموضوع، ولو أن هناك من القضايا القوية التي ناقشها "سيلفي" و"طاش" بحيث لا تحتاج مساعدة أو تأثيرات فنية لأن أغلبها إعادة صياغة لبعض الأحداث في قالب درامي يبرز خطورة الحدث، ويلفت النظر إلى ما قد يخفى على الشخص العادي، وهو يسمع عن قضية إرهابية أو حتى ظاهرة اجتماعية راجت في زمن قياسي دون وضوح مسببات أو دوافع ظهورها.