&أيمن الحماد

الشراكة الاستراتيجية بين المملكة وفرنسا ليست أمراً حديث النشوء، إذ تأسست في عام 1996، إبان عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد -رحمه الله-، والرئيس الفرنسي جاك شيراك، اللذين أعطيا العلاقة بين الرياض وباريس زخماً كبيراً لانزال نقطف ثماره، وتخبرنا تجارب المنطقة أن العلاقات بين البلدين لطالما حافظت على توازنها حتى في أوقات الأزمات التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط على الدوام.

قبل ثلاثة أشهر قام سمو ولي العهد الأمير محمد بن نايف بزيارة رسمية إلى الجمهورية الفرنسية، ومنحه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند وسام جوقة الشرف الوطني -أرفع الأوسمة الوطنية في فرنسا- لجهوده الكبيرة في المنطقة والعالم في مكافحة التطرف ومحاربة الإرهاب، واتسمت تلك الزيارة بنقاش طويل عن قضايا هي محل اهتمام البلدين.

اليوم يبدأ سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان زيارة إلى باريس بعد زيارته إلى الولايات المتحدة، حيث ينتظر أن تشهد الزيارة إلى فرنسا جدول أعمال مزدحماً وثرياً على المستويات السياسية والاقتصادية، إذ يصاحب الزيارة الاجتماع الثالث للجنة السعودية - الفرنسية المشتركة التي تم إنشاؤها بُغية تنفيذ خطة العمل التي تمت الموافقة عليها من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند.

الزيارة التي ينتظر أن تشهد توقيعاً لعدد من الاتفاقيات في الجوانب المدنية والعسكرية ستكون فرصة للجانبين لنقاش مستفيض وشفاف حول ملفات المنطقة، لاسيما بشأن تعزيز التعاون الدفاعي ومكافحة الإرهاب والتطرف المتمثل بـ"داعش" والميليشيات الإيرانية التي تعمل اليوم على زعزعة الاستقرار في المنطقة في عدد من الدول في لبنان وسورية والعراق واليمن والبحرين، وهذا من شأنه الإضرار بالمصالح الاقتصادية للدول الكبرى، ومنها فرنسا، التي يجب ألا تراهن كثيراً على احتمالية اعتدال نظام طهران، أو تنجر للانغماس في أسواق إيران التي قد تحمل مخاطرة كبيرة على الشركات الفرنسية.

ملفا "رؤية 2030" و"التحول الوطني 2020"، يحملان الكثير من الفرص المتنوعة والجاذبة للشركات الفرنسية التي سيتاح لها الدخول بشكل مباشر للاستثمار في سوق واعدة ومستقرة وآمنة وموثوقة، يدعمها في ذلك الثقة المتبادلة بين القيادتين والبلدين الصديقين، وهذا لا شك سيمهد بشكل كبير في تحويل الفرص إلى واقع ملموس ووضع الشراكة الإستراتيجية موضع التنفيذ.