لا تزال لعبة القط والفأر مستمرة بين بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، والتضخم العنيف، وأحدث مؤشرات هذه اللعبة، هي الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، للمرة السادسة على التوالي، تحديداً عند 5.25٪ إلى 5.5٪، وهذا هو أعلى مستوى لها منذ 23 عاماً، مما يعني أن تكاليف الاقتراض ستظل أعلى لفترات أطول، مادام الفيدرالي لم ينتصر في معركته المقدسة مع ارتفاع الأسعار، وفشل حتى الآن في تحقيق هدف الـ2 %، وهذا الأمر سيؤدي إلى تأخير خفض الفائدة حتى النصف الثاني من العام، والواقع، أن تثبيت الفائدة يبدو متوقعاً، في ظل بيانات التضخم الأخيرة المخيبة للآمال، والتي أظهرت ارتفاعه مرة أخرى، مدفوعاً بسعر الوقود الأكثر تكلفة.

الأرجح، أن تكاليف الاقتراض ستظل أعلى كلفة على الناخبين الأمريكيين خلال الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية في نوفمبر، بالرغم من أن الرئيس جو بايدن توقع مؤخراً انخفاض معدلات الفائدة هذا العام، وهذه الكلفة المرهقة للائتمان قد يدفع الديمقراطيون ثمناً باهظاً لها في الانتخابات، وربما يكون الحل الأقرب للتصور، هو قيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة في يوليو، ومع ذلك، فإن الحيز المتاح للمناورة أمام الفيدرالي بدأ يتقلص بشكل كبير، مع ارتفاع التضخم، وتباطؤ النمو، وتحول التقويم السياسي إلى قيد على السياسة النقدية، والأدهى، أن شبح الركود التضخمي، الذي وضعه الفيدرالي خلف ظهره بشكل حاسم في عام 2023، قد عاد الآن إلى واجهة الأحداث.

أحد الاحتمالات القوية، هي أن يقوم الفيدرالي بخفض الفائدة مرة واحدة فقط هذا العام، ربما تكون في شهر سبتمبر، أي قبيل الانتخابات الرئاسية الأميركية، وهذه الخطوة ليست من أجل تحريك الاقتصاد، بل من أجل أن يساعد جيروم باول صديقه بايدن، فلربما يمنحه ذات الوظيفة مرة أخرى إذا تم إعادة انتخابه، والخيار الوحيد أمام باول الآن هو عدم إثارة غضب الرئيس، باعتباره يشغل ثاني أكثر الوظائف التي تخضع للتدقيق في أميركا، والخبر السيء لباول، أنه بالفعل على وشك إثارة غضب سيد البيت الأبيض، أي ما كان اسمه، فكلا المتنافسين الرئاسيين بايدن وترمب لا يرغبان في قيادة اقتصاد يتسم بتكاليف اقتراض قياسية، وبينما يخطط ترامب لإضعاف استقلال البنك المركزي الأميركي، يضغط بايدن، أدبياً، على الفيدرالي، لخفض الفائدة.

على الضفة الأخرى من النهر، تنفس محافظو البنوك المركزية الآسيوية الصعداء بعد قرار تثبيت الفائدة، فهذا هو أفضل خبر للعملات الآسيوية، التي تشعر بالضغط من قوة الدولار، وهذا ما رأيناه تحديداً مع الين الياباني، الذي يمر بفترات حالكة السواد، حيث تفاعل مع قرار الفيدرالي، فارتفع إلى 153 يناً مقابل الدولار، بعد أن تدهور قبل أيام إلى 160 يناً مقابل الدولار، والأهم، أن تثبيت الفائدة يضع مصائر العملات الآسيوية في أيدي قادة البنوك الآسيوية، بدلاً من أن تكون مصائر هذه العملات معلقة بتوجيهات المسؤولين الماليين في واشنطن، خاصة وأن تمديد الفيدرالي لسياسة الارتفاع لفترات أطول، يزيد من صعوبة قيام البنوك الآسيوية بخفض الفائدة من دون أن تضعف عملاتهم.