&سركيس نعوم&

شرح المسؤول المهم نفسه، الذي يُتابع أوضاع المغرب العربي في "الإدارة" المهمّة الثالثة نفسها داخل الإدارة الأميركيّة، العوامل التي دفعته إلى امتداح العاهل المغربي، قال: "إسلاميّو المغرب العربي يختلفون عن إسلاميّي مشرقه. يريدون إصلاحات سياسيّة بجرعات مقبولة وبخطوات اقتصاديّة معقولة. في المملكة المغربيّة الحكومة إسلاميّة، واستطاع المغرب بصفات مليكه واعتدال إسلاميّيه تجاوز "الربيع العربي" ومآسيه، لكنّه يخشى الآن مضاعفات تحوُّله شتاء عاصفاً. وهو يتعاون مع الإسلاميّين وأميركا والمجتمع الدولي لتلافيها. الجزائر تكره المغرب".

ماذا عن تونس؟ سألتُ. أجاب: "تونس لم نكن نعرفها كثيراً. كانت فيها فرنسا فتركت أثراً مهمّاً هو المجتمع المدني والحركات الإصلاحيّة والنسائيّة والأحزاب. حتى إسلاميّوها كانوا مختلفين. هي دولة صغيرة ذات جيش صغير وقوى أمن قليلة، وتواجه بكفاءة تحدّياً إرهابيّاً مهمّاً. بعد "ثورة الياسمين" جرت إنتخابات واحتُرمت المؤسّسات ونزل الناس إلى الشوارع وحوّلوا الأمور. "حركة النهضة" الإسلاميّة التي يتزعّمها الغنّوشي عادت إلى رُشدها بعدما حاولت في البداية الانفراد بالسلطة مثل "اخوانها" المصريين. شعب تونس يراوح عدده بين 10 و11 مليون نسمة يحتاج إلى عمل ومساعدات ومشروعات. لا سياحة فيها بعد العمليات الإرهابيّة في "باردو" وغيرها. الجزائر تعتبرها صغيرة ولا قيمة لها ولا تعقد معها اجتماعات ثنائيّة. أميركا تحاول أن تدعمها مالياً وعسكريّاً ومؤسّساتياً".

سألتُ: هل تعود ليبيا إلى النظام الملكي الذي حكم حتى انقلاب الراحل معمّر القذافي عليه؟ أجاب: "ورثة الملك لا يزالون موجودين". ردّيت: لا أعني عودة هؤلاء. أعتقد أن ذلك مستحيل. بل عودة "الاتحاديّة" أساس النظام الملكي. قال: "ستكون في ليبيا دائماً حكومة مركزيّة". علّقت: في تونس عادت وجوه أسقطتها "ثورة الياسمين"، فضلاً عن أن فيها إسلاميّين وإرهاب. ردّ منهياً اللقاء: "نحن نحكي مع "التوانسة" ونقول لهم: "أنتم في حاجة إلى خطوات إصلاحيّة وإلى تنفيذها ومتابعتها كي لا يقضي عليها الروتين وعوامل أخرى. فيردّون: لم نستطع فعل ذلك حتى الآن. ربما نفعله السنة المقبلة أو التي بعدها". هناك جيل شاب يبرز الآن في تونس. وهو ضائع وغير مستقر ولا فرص أمامه".

ماذا في جعبة مسؤول مهم يتابع أوضاع السودان بدولتيه الشماليّة والجنوبيّة في "الإدارة" المهمّة الثالثة نفسها داخل الإدارة الأميركيّة؟

سألته في بداية اللقاء: ما هي الأسباب التي دفعت في رأيك السودان (الشمالي) ورئيسه الفريق البشير إلى التخلّي عن إيران وإلى الاصطفاف مع السعوديّة في حربها على اليمن التي هي حرب بالوكالة بينها وبين إيران؟ أجاب: "نحن لا نعرف من البشير أسبابه. لكنّنا نحلّل ونستمع ونقرأ ونتشاور، ونستنتج من ذلك وجود مجموعة أسباب مهمّة "للتخلّي". منها اضطرار بنوك كثيرة في العالم، وبعضها غربي وبعضها فرنسي إلى الخضوع إلى استجوابات وتحقيقات محاكم دولية بسبب خرقها العقوبات المفروضة على إيران، من خلال سماحها بتعامل شركات إيرانيّة مع دول وشركات عدة في العالم. وقد دفع أحد البنوك الفرنسيّة غرامة ماليّة كبيرة جداً (عقوبة). ودفع ذلك كل البنوك في العالم وخصوصاً الكبيرة منها إلى التدقيق أكثر في أثناء التعامل مع دول الخارج ومنها السودان ذات العلاقة الجيدة مع إيران. وهذا أمر أعاق تنفيذ أو استكمال تنفيذ عدد من المشروعات الحيويّة في السودان، كما ألحق ضرراً بمصالحه الاقتصاديّة. ومن الأسباب أيضاً واحد اقتصادي يتعلّق بمساعدات تقدّمها السعوديّة للبشير وللسودان، وهي لن تقدّمها له في حال استمراره على علاقة وثيقة جداً مع إيران. ومن الأسباب ثالثاً رغبة البشير في أن تكون له علاقات جيّدة مع مصر التي يحكمها الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ الثورة الشعبيّة الثانيّة على الرئيس "الاخواني" محمد مرسي في 30 يونيو. والبشير كان يُظن أنه قريب من جماعة "الاخوان المسلمين" وإسلامها وربما هو كذلك. لكنه لا يريد مشكلات مع مصر الجارة الكبرى للسودان. ومن الأسباب رابعاً حال الفوضى القائمة في ليبيا، إرهاب وحدود مفتوحة وميليشيات ومنظّمات إسلاميّة متشدّدة جدّاً، والرغبة في حماية الحدود السودانيّة بالتعاون مع مصر وبالاعتماد على القوات السودانية في الوقت نفسه".

سألت: هل سودان البشير إسلامي؟ وما نوع إسلاميّته؟ بماذا أجاب؟