&حمود أبو طالب

نقرأ لبعض الكتاب ونسمع من بعض المعلقين في وسائل الإعلام، دعوتهم أو تأكيدهم على ضرورة الحل السياسي للأزمة اليمنية والتخلي عن الخيار العسكري الذي بدأ مع عاصفة الحزم، وذلك في شكل من أشكال الالتفاف على الحقائق والإيحاء للمتلقي البسيط غير المتابع لتفاصيل المشكلة بأن التحالف العربي في عاصفة الحزم، وتحديدا المملكة التي تقوده، لا تريد حلا سياسيا سلميا يجنب اليمن مزيدا من الدمار. هذه الدعوة وبهذه الصيغة مغالطة فاضحة تتجاهل الحقائق، هدفها الغمز في قناة المملكة وتصويرها بأنها داعية حرب، ولا يخفى كثيرا من هم المستفيدون من ترويج مثل هذا الطرح الذي يقفز فوق كل حقائق الواقع ويتجاهلها.

قبل يومين اجتمع المندوب الأممي إسماعيل ولد الشيخ بالرئيس اليمني لبحث إمكانية عقد الجولة الثانية من المباحثات في الكويت بعد أن انتهت الجولة الأولى إلى لا شيء، وللمرة الأولى يكون الرئيس اليمني واضحا وصريحا في تعبيره عما يحدث حين قال لقد قدمنا كثيرا من التنازلات لأجل شعبنا ولم نحصد إلا سرابا. هذه هي الحقيقة، والسراب الذي حصده اليمنيون الممثلون للشرعية هو في أساسه بسبب راعي المفاوضات، أي الأمم المتحدة، التي منذ بدأت رعايتها وهي بإصرار تضفي الشرعية على الميليشيا الانقلابية المتمردة. وقبل أيام قلنا في مقال سابق هل هناك مؤامرة أممية على اليمن،

لكن الآن يبدو منطقيا حذف «هل» لأن المؤامرة أصبحت واضحة في الرؤية التي طرحها المندوب الأممي في نهاية جولة المفاوضات الأولى وضمنها دعوته لتشكيل حكومة وطنية توافقية، أي بدخول المتمردين فيها قبل حسم نتيجة المفاوضات، وهي رؤية غريبة لا تحتاج إلى ذكاء لمعرفة أهدافها ومقاصدها، وإذا أضفناها إلى بعض تفاصيل التعاطي الأممي مع المشكلة منذ بدايتها يتأكد لنا أن الحوثيين ومن معهم لن يجنحوا إلى السلم أبدا فضلا عن التزامهم بتطبيق منطلقاته المتمثلة في القرار ٢٢١٦ والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني.

لقد تمت دعوة الحوثيين للحوار في الرياض قبل دعوة الأمم المتحدة، وحرصت المملكة على تجنب الحل العسكري، وعندما بدأ حاولت جاهدة إنهاءه في أسرع وقت، واستقبلت وفدا للحوثيين على أمل اقتناعهم بمغبة ما يقترفونه والرجوع عنه وتحولهم إلى فصيل سياسي بعد تسليم السلاح والأرض للحكومة الشرعية، لكن كل المحاولات فشلت معهم، فهل يمكن بعد ذلك اتهام المملكة بأنها لا تريد الحل السياسي السلمي، وهل تقف متفرجة والخطر يهدد حدودها والقذائف تتساقط على أرضها والإصرار لم يتوقف على خلق تنظيم إرهابي بجوارها.

إن كل ما يقال من قبيل هذه الادعاءات لا يخرج عن سياق الحرب السياسية التي تواجهها المملكة من غير الحريصين على اليمن، بل المستفيدين من تعقيد أزمته، وإذا كانوا يريدون تأجيج البعض في الشارع اليمني فإن العقلاء الذين يمتلئ بهم اليمن يعرفون الحقيقة، ويعرفون من يسعون لخراب وطنهم ومن يحرصون على سلامته وبقائه عربيا آمنا. يعرفون من يعطيهم السراب، ومن يحرص على إعطائهم الأمل ويعمل من أجله.