خالد الطراح

على الرغم من كل ما أثير حول استثمارات الدولة، تستمر الحكومة غالبا في السباحة ضد أمواج الحقيقة من خلال ردود إنشائية تناقض الواقع وتغل يد الجهات الرقابية والدستورية!
فمثلا، ذكر وزير المالية ورئيس الهيئة العامة للاستثمار في رده على سؤال برلماني للأخ النائب خالد العتيبي نشر في 17 / 7 / 2017 «إن الاستثمار جاء نتيجة دراسة جدوى اقتنعت الهيئة بالدخول فيها،

وإن ديوان المحاسبة قد اطلع على الدراسة».. وهو ما يتنافى مع حقيقة الأمر، حيث إن ديوان المحاسبة أبدى تحفظا على الصفقة والعديد من الإجراءات الاستثمارية، والدليل على ذلك أن خلافا نشب بين الهيئة وديوان المحاسبة، لكنه حسم لمصلحة وجهة نظر هيئة الاستثمار، بناء على موافقة مجلس الوزراء، واستنادا إلى دراسة لجنة شكلتها الحكومة لحسم الخلاف الرقابي. (القبس 30 / 7 / 2017).
حسم الخلاف جاء في بيان رسمي لمجلس الوزراء، حيث تم وصفه بأنه «اختلاف في وجهات النظر»، حسمته توصيات لجنة شكلتها الحكومة كما جرت عليه العادة في العديد من الصفقات الحكومية التي منيت بخسارة منذ 14 عاما، بشهادة تقارير ديوان المحاسبة!
استثمارات الهيئة العامة للاستثمار هي، أساسا، أموال عامة وتخضع لقانون المال العام رقم 1 / 1993، ورقابة ديوان المحاسبة تنطلق على أسس وقواعد رقابية.
وسبق لـ القبس أن نشرت خبرا في 13 / 6 / 2016، مفاده «أن الهيئة العامة للاستثمار أبلغت السلطات الفرنسية بنيتها بيع حصتها في شركة اريفا المتخصصة بالطاقة النووية» التي تبلغ %4.8، وهي ثاني أكبر ملكية في الشركة بعد الحصة الأكبر للسلطات الفرنسية (%87).
وقال التقرير «إن الهيئة تشتكي من أن استثمارها استند إلى حسابات خاطئة قدمتها الشركة وأن قيمة الاستثمار في شركة اريفا بلغت 600 مليون يورو في 2010، لكن انخفاض اسهم الشركة بحوالي %90 في السنوات الأخيرة كبد الهيئة خسائر حادة»!
السؤال الذي يطرح نفسه: هل قامت الهيئة العامة للاستثمار برفع دعوى على الشركة نتيجة تقديم هذه البيانات إلى جانب مقاضاة الجهة التي أعدت دراسة على بيانات غير سليمة؟
جميع معلومات الملف تؤكد عدم اتخاذ الهيئة لأي إجراءات قانونية، إضافة إلى عدم تبرير سبب عدم اللجوء إلى القضاء في المحافظة على حصة من المال العام، خصوصا حين وقع تحت بصر الهيئة العامة للاستثمار وجود بيانات استثمارية مصدرها نفس الشركة؛ أي اريفا!
ملكية الحكومة الفرنسية في شركة اريفا تشكل بعدا سياسيا قد يكون السبب في عدم اتخاذ أي إجراءات قانونية ضد الشركة، ربما حفاظا على «العلاقات التاريخية» بين فرنسا والكويت، وهي ردود اعتدنا على سماعها في مثل هذه الظروف!
أما عن وجود وسيط كويتي للشركة فرد الوزير صحيح بالنسبة لعدم وجود وسيط لشركة اريفا النووية بشكل مباشر، ولكن حسب ما هو معروف أن اريفا النووية تابعة لشركة اريفا الأم التي تنضوي تحتها شركات في الطاقة والإنشاءات وغيرها، بما في ذلك شركة اريفا النووية، ما يعني احتمال وجود وسطاء في الكويت بشكل غير مباشر بأريفا النووية!
لعله لو تمت إعادة صياغة السؤال البرلماني بخصوص الشركات المتفرعة عن شركة اريفا الأم ستتضح الصورة عن وجود وسيط كويتي من عدمه!
من الأجدى أن تبادر هيئة الاستثمار بالإفصاح، كما عبرت عنه في القبس (18 / 7 / 2017)، عن جميع ملابسات اريفا، التي سجلها ديوان المحاسبة، وذلك للمصلحة العامة.