عواجي النعمي

قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار (إن السعودية لم تكن كذلك قبل عام 1379 لأسباب كثيرة ليس المجال اليوم لذكرها، نحن لم نكن بالشكل هذا في السابق، نحن الآن فقط نعود إلى ما كنا عليه من إسلام وسطي معتدل منفتح على كل العالم وعلى جميع الأديان، ثم يستطرد سموه أن سبعين بالمئة من الشعب السعودي هم في مرحلة الشباب، وأنه ليس لدينا الوقت لإضاعة أي جزء من أعمارنا في التعامل مع الأفكار المتطرفة والتي سيتم محاربتها وتدميرها.) 
في أعقاب عام 1379 استطاعت الصحوة التغلغل في حياة الناس وشنت حربا إقصائية لكل ما هو جديد ونفثت في صدور شريحة كبيرة من المجتمع نفس التشدد والغلو. ونشرت رسالتها من خلال منابر الوعظ والأشرطة الدينية والكتب والمنشورات. ونصبت العداء للشعر والفن وحرية الرأي والانفتاح والمسرح والمرأة والتسامح والتي كانت تتواجد قبل ذلك العام. ونصب البعض من أصحاب النهج الصحوي من أنفسهم أوصياء ومحتسبين على ضمائر الناس وعقولهم وأفكارهم.
ويظل السؤال هل يحتاج ديننا الحنيف إلى تجديد، وعلى من تقع مسؤولية التجديد؟ إن معظم أطروحات التجديد والصحوات لا معنى لها ولا تؤتي ثمارا وإنما هي تكرار تاريخي لا جديد فيه. كما أن التاريخ الإنساني حسب القرآن الكريم ينقسم إلى مرحلتين، إحداهما مرحلة الرسالات التي انتهت بموت المصطفى، صلى الله عليه وسلم، والمرحلة الثانية ما بعد الرسالات وهي التي نعيشها والتي يجب أن يحكمها فقه معاصر ودين متسامح يستمد جذوره من التنزيل الحكيم والسنة النبوية.
تأتي مناسبة التحرر من سلبيات الصحوة مع إنشاء مجمع للحديث الشريف بمدينة المصطفى عليه الصلاة والسلام. ويهدف هذا المجمع إلى حفظ وتنقية الإرث النبوي من الأحاديث الموضوعة التي استغلها المتطرفون لخدمة أجندتهم التخريبية وتبرير غاياتهم الشيطانية. وهناك رواية تاريخية مشهورة للتأويل على النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى أصبحت بعض التأويلات تتعارض مع نص القرآن، فعندما دخل أحد العلماء على الوليد بن عبدالملك فقال له الوليد ما حديث غريب يحدثنا به الناس؟ قال وما ذاك يا أمير المؤمنين قال يقولون إن الله إذا استرعى عبدا كتب له الحسنات ولم يكتب عليه السيئات، فقال العالم هذا باطل يا أمير المؤمنين، ألم تسمع قوله تعالى لنبيه داود (يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله). فقال الوليد ما زال بعض الناس يغووننا عن ديننا.