عبدالرحمن الطريري

المواطنة ريوف عبدالرحمن الحميضي المقيمة مع والدها الملحق الثقافي السعودي في النمسا، ومن قبل كانت في برلين، وجدت أن وسائل التواصل الاجتماعي تستخدم رموزا تعبيرية حسب العمر، أو الدين، أو العرق، أو المهنة، إلا أنه لا يوجد رمز يعبر عن المرأة المسلمة المحجبة، ما قادها إلى تبني حملة قوية عبر وسائل التواصل الاجتماعي طالبت فيها بتبني رمز يمثل النساء المسلمات المحجبات. هذا الاقتراح وجد تفاعلا قويا في وسائل التواصل الاجتماعي، حتى تبنت شركة أبل الاقتراح، واعتمدت الرمز التعبيري محجبة الذي صممته مع زميلاتها، لتحقق بهذا نجاحا كبيرا يحسب لها، وفي ظني أن المحجبات يقدرن الجهد، ويشعرن بالامتنان لها.


واستشعارا من وسائل الإعلام الغربية لدورها في إبراز النجاحات التي يحققها الأفراد، خاصة من هم في سن الشباب ،تم عرض النجاح عبر وسائل إعلام أمريكية كـ«نيويورك تايمز»، وقناة CNN، وصحيفة «واشنطن بوست»، كما أن الصحف الألمانية عملت تحقيقات صحافية عن مبادرة ريوف، والحملة التي تبناها مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي، مع الإشادة بريوف كطالبة ألمانية، حيث درست في إحدى المدارس العالمية.


الاهتمام بهذه المبادرة، وما صاحبها من حملة ترتب عليها تبني شركة أبل الشعار، وبناء على هذا اعتبرت مجلة "التايم" ريوف الحميضي ضمن قائمة الـ 30 المؤثرين على مستوى العالم في سن الشباب لعام 2017، وما يلفت الانتباه الاهتمام الواضح من قبل وسائل الإعلام النمساوية، بجميع أنواعها بالموضوع، حيث أجرت معها مقابلات تلفزيونية، وأخرى في الصحف، على اعتبارها طالبة نمساوية حققت إنجازا يستحق الاهتمام به، وهو كذلك.
ريوف الحميضي مواطنة سعودية، حققت إنجازا يستحق الاهتمام به، وتعزيز صاحبته، لذا جاء اهتمام وسائل الإعلام في أوروبا، وأمريكا، إلا أن الأمر المحير غياب الإعلام العربي، والسعودي على وجه الخصوص، فهل مثل هذا الموضوع يدخل ضمن اهتماماته، أم أنه خارج دائرة الاهتمام؟ كثيرا ما نقرأ، أو نشاهد عبر وسائل إعلامنا أخبارا طريفة تقع في أماكن أخرى من العالم، يتم عرضها، وكأنها ذات قيمة، وفائدة للمواطن، كأن تكون لإنقاذ قطة علقت في مكان ما، وتم إنقاذها من قبل شخص ما، ويصور العمل بالبطولي، كما نشاهد مقطعا آخر لكلب يحضر الدواء، والماء لصاحبه المريض، ومع قيمة مثل هذه المشاهد، إلا أنها لا تقارن بإنجاز تحقق على يد الإنسان الذي يجد في اهتمام الإعلام به، خاصة إعلام بلاده - لو تم - دفعة قوية للإمام، وشحذا لهمته لمزيد من الإنجاز، والإبداع، بما يخدم الوطن، والأمة.


في محاولة لفهم الفلسفة التي تحكم، وتوجه الأداء الإعلامي في العالم العربي وجدت في هذا الخبر مناسبة لطرح السؤال: هل من فلسفة يتبناها إعلامنا، وما هي إن وجدت؟ لا شك لدي أن نظام الإعلام يتضمن في مواده، وبنوده ما يشير إلى أهداف الإعلام، والآليات التي يجب أن يسير عليها، إلا أن عملية التنفيذ قد لا تواكب الفلسفة، والأهداف، فالمادة الـ 11 من سياسة الإعلام تنص على أن الإعلام يهتم بالشباب، ويسعى لتحقيق احتياجاتهم، وما من شك أن الاحتياجات النفسية، كالشعور بالإنجاز، لما في ذلك من رفع للمعنويات، وتحفيز على مزيد من الإنجاز.
من الأسس النظم، والتشريعات، والتمويل الجيد، إضافة إلى الجهاز الإداري، والفني، مع وجود خريطة أولويات ترسم مسار الأنشطة الإعلامية. خريطة الأولويات تعتمد على ما توجه به أهداف الإعلام، إذ قد تكون الأهداف تركز على أشياء، دون أخرى، ما يجعل خريطة الأولويات تنحصر في أنشطة دون أخرى، رغم أن التمويل ربما يكون كثيرا، وباهظا، لكن سوء توجيهه يترتب عليه الإخفاق في تغطية ما يفترض إعلاميا، والانصراف إلى أنشطة أقل أهمية، وليس لها قيمة مضافة. كما أن المستوى المتواضع للجهاز الإداري، والفني له دوره في إخفاق الإعلام. نسمع كثيرا، وبألم بالغ أخبارا عن أحداث تقع في منطقتنا تنقلها وكالات أنباء مثل رويترز والأسوشيتد برس ووكالة الأنباء الفرنسية ووكالة الأنباء الألمانية ما يثير التساؤل عن دور وكالات الأنباء العربية، فإذا لم يكن لها السبق في أخبارنا فما الدور الذي تقوم به رغم ما ينفق عليها من أموال؟!