عبدالله بن بخيت
ثمة علاقة عاطفية بين الإنسان وبعض الحيوانات. لا يمكن أن ترى قطة صغيرة في مأزق دون أن تمد لها يد العون. في الوقت نفسه لا يمكن أن تقدم نفس المساعدة للخنفسة أو الحية أو حتى السمكة. تأخذك ظاهرة الأمومة عند مشاهدة اللبوة وتتعاطف مع صغارها رغم أن هؤلاء الصغار سيصبحون يوماً مفترسين لا يقلون خطراً عن الحية.
ثمة وشائج قربى بين الكائنات يؤصلها جهاز وضعه الله في قلب الإنسان نسميه الضمير. عندما تقدم خدمة لقطة أو غزال أو كلب لا تتوقع أن تتلقى شكراً منهم. شيء ما في داخلك يدفعك للخير. لا تفعله استثماراً ستحصل على فوائده في المستقبل. يؤكد ذلك أن الإنسان في أي مكان يفعل نفس الشيء. عاطفة لا علاقة لها بالقومية أو الدين أو اللون. تفعل الخير وتمضي رغم أن المخدوم مجرد حيوان.
هذا الضمير يكون في أقصى قوته وحياته بين البشر. معظم ما نلمسه من شهامة أو فروسية وتضحية وكرم يكون الضمير مصدر الصادق منها.
وظيفة الضمير الجوهرية حماية الإنسان من الأخطار الأساسية المشتركة الصادرة من الإنسان ضد أخيه الإنسان. قوة الردع الربانية ضد إيقاع الأذى بالآخرين. جهاز صيانة الحياة من أطماع أذكى الكائنات. عندما نتحدث عن (الإنسانية) فنحن في الواقع نتحدث عن هذا الشيء الذي اسمه الضمير.
أولويات المنظمات الإجرامية أو العنصرية وقوى الشر تخريب هذه الآلة العظيمة عند أعضاء منظماتهم.
تعمل أجهزة الدعاية الدينية المتعصبة أو الشوفينية القومية على صناعة بشر بلا ضمير. تعمل على إسكات ضمائرهم أو التحايل عليها ثم استبدالها بقيم جديدة ترتبط بقيم متعالية زائفة تكرس الاستعلاء والشعور المستمر بتهديد هذه الرفعة الحصرية التي اقنعوا بها بالخداع. ينسبون العضو لكيان عرقي أو ديني ثم يقررون أن هذا الكيان عظيم ومتفرد ولكنه مهدد. تكون حسابات العضو في هذه المنظمة خارج حدود الإنسانية. تتم برمجته على الكرة والحب والانتماء والولاء لعقيدة محددة حتى عمل الخير لا يكون مسموحاً به إلا في داخل جماعة المنظومة الفكرية التي ينتمي لها بل يتم التمييز بين أطفال المجموعة وأطفال بقية البشر. يتم عزل المريد عاطفياً عن بقية البشر.
شاهدنا شاباً يذهب إلى مسجد في دولة أخرى لا يعرف فيها أحداً ليفجر نفسه في أناس مستغرقين في خشوعهم أمام الله. المبرر أنهم شيعة. في هجوم من نفس النوع على مسجد الروضة في سيناء بمصر قتل فيه 240 مصلياً، المبرر أنهم نقشبندية. سيأتي من يقول إن هناك من يستخدمهم (الصهيونية، الصليبية.. إلخ). هذا طرح تضليلي. السؤال من برمجهم على مدى سنوات ليكونوا منزوعي الضمير.
التعليقات