عبدالله بن بخيت
أتجول بشكل شبه يومي على اليوتيوب. أتقلب بين المعرفة والمتعة واستعرض الآراء السياسية والدعائية. في الوقت الذي يتكالب الإعلاميون السعوديون على تويتر ازدادت القنوات المعادية للمملكة بشكل ملحوظ جداً على اليوتيوب. انضم إلى أعداء المملكة التقليديين عدد من القنوات لم تكن معروفة قبل أشهر. تم تطعيم قنوات العداء للحكومة المصرية بالعداء للمملكة. صار الحديث عن المملكة على المستويات كافة. الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والرياضي أيضاً. أي قرار سعودي أو حدث في المملكة يتحول إلى مادة مهمة في هذه القنوات.
مع عودة القضية الفلسطينية هذه الأيام إلى المنابر وقنوات الأخبار والتجاذبات سعت هذه القنوات للزج باسم المملكة في وسطها. تستخدم نفس المواد الإعلامية التي اخترعها عبدالناصر قبل ستين عاماً لتشويه المملكة.
فتشت في اليوتيوب عن قنوات تناصر المملكة أو تعبر عن وجهة نظرها فوجدت القليل.
مأزق كثير من الإعلاميين السعوديين عدم الإحساس بالاختلاف البيئي بين البروباغندا والحقيقة. بعبارة أخرى ما زال بيننا من يؤمن أن الحقيقة إذا طرحت ستهزم البروباغندا.. لو كان الأمر بهذه البساطة لاختفت الخرافات من العالم في ساعات قليلة. مادة الحقيقة تذهب إلى العقل ومادة البروباغندا تذهب إلى الوجدان. في حال التصدي للبروباغندا بالحقيقة كأنك تنشر جيشك في الربع الخالي وعدوك متربص بك في البحر.
في حرب تحرير الكويت كانت الحقيقة شاخصة ومع ذلك وقفت كثير من الجماهير العربية مع صدام حسين.
بإذاعة واحدة وبقليل من الأغاني الحماسية وبعدد من الصحف المرتزقة وبالتلاعب بالتاريخ والقضايا العربية الحساسة وبالوعود بالأمجاد استطاع صدام حسين أن يحشد كثيراً من الشعوب العربية للوقوف معه وتأييد احتلاله للكويت. راح ضحية إعلامه اليمنيون المقيمون في المملكة آنذاك اصطفوا معه وفقدوا قوت عيالهم. انتصرت البروباغندا حتى على لقمة العيش.
البروباغندا ليست مجموعة أكاذيب تدمغها بالحقائق وتمضي. عندما ينبري شيخ ويتساءل بحرقة أين حكام المسلمين عن القدس الحبيبة؟ لا يمكن أن تقول لمستمعيه إن إسرائيل قوية وتبرهن على ذلك بعرض الحقائق التي لا تدحض. كل إنسان في العالم العربي يعرف هذه الحقيقة. البروباغندا تتحرك في المنطقة التي يريد الإنسان أن يسمع ما يسره أو يضمد جراحه أو يعطيه أملاً. وقف أردوغان أمام الزعماء الذين حضروا مؤتمره ولسان حاله يقول لبيك أيها الشيخ الجليل هل تريد أن نبدأ بالقدس أم غرناطة.
الإعلامي السعودي يعيش وسط بحر من البروباغندا ولكنه لم يدرك ذلك. ما زال ينظر باستخفاف لاستراتيجية قناة الجزيرة والإخوان وأردوغان في توظيف المادة الغوغائية التي ملأت جوانب القضية الفلسطينية. بخمسة ملايين دولار صرفها على مؤتمره توج أردوغان نفسه صلاح الدين في الوقت الذي يقتل فيه الأكراد بلا رحمة.
التعليقات