أحمد عبد التواب 

عندما يصدمنا البعض بقوله إن الإرهابيين الذين يقعون فى يد أجهزة الدولة هذه الأيام متلبسين برفع السلاح ضد الجيش والشرطة هم «أسري» وإنه لا يجوز إعدامهم! فبماذا يُصَنَّف هذا الكلام؟ وبماذا يكون تصنيف صاحبه؟ وهل هذا حقاً اجتهاد مما يشارك فى إثراء الحوار الوطنى العام بهدف تحقيق المصلحة الوطنية ويدخل فى حدود حُسن النية، أما ماذا؟ وبماذا يكون الرد عليه؟ وأما أن يُساق الكلام فى إطار المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام من القانون لأن الرهافة الإنسانية لصاحب الاقتراح لا تقبل أن تمارس مصر انتقاماً لا يليق بالدولة الحديثة، وأن الإعدام لم يوقف الجريمة، فهذا يحتاج لردود مطوّلة فى سياق آخر.

دع عنك الاضطراب فى فهم معنى مصطلح «أسير» فى الاتفاقيات واللوائح والبروتوكولات الدولية، التى وضعت شروطاً كثيرة فى تعريف «الأسير» منها أن يكون فى جيش نظامى شرعى فى دولة معترف بها، وأن يُميِّز نفسه بزى خاص وشارات خاصة، وأن يقع فى يد «الأعداء» لسبب عسكرى لا بسبب جريمة ارتكبها، بل وينص القانون أيضاً على أن يخرج المرتزقة الأجانب عن التعريف، وكذلك أبناء الوطن الذين ينضمون لجيوش الأعداء ثم يقعون فى قبضة بلادهم، فهؤلاء الأخيرون خونة لا أسرى وتُطبَّق عليهم قوانين الخيانة التى تصل فى بعض البلاد إلى الإعدام، كما أن الجواسيس أيضاً يخرجون عن صفة الأسير، ما دام أنهم يندسون فى الصفوف دون زى رسمى بل أحياناً يرتدون زى الدولة التى يخترقونها..إلخ إلخ. فهل يرى صاحب الاقتراح حقاً أن إرهابيى سيناء أو الصحراء الغربية ينطبق عليهم أى من هذه الشروط؟وتَذَكَّر بعد كل هذا أن قادة النازى الذين وقعوا فى قبضة الحلفاء بعد الحرب العالمية الثانية، وكان ينطبق عليهم التعريف، خضعوا للمحاكمات وجرى إعدامهم، ولم يجدوا من يرق قلبه لهم مثل من يسعون الآن لإيجاد مخرج للإرهابيين المموَّلين بسخاء من الأعداء لتدمير مصر.

ومن المؤكد أنه ليس هناك فائدة من تذكير صاحب الاقتراح بالجنازات الرهيبة للشهداء فى قرى مصر ومدنها حيث تطالب الجماهير الملتاعة، وليس فقط ذوو الشهيد، بالثأر من الإرهابيين وبإعدامهم فوراً.