أنمار حامد مطاوع
التراث والثقافة هما بصمة الإنسان المعاصر في آخر نسخة له. وهما الطريق الصحيح للتعريف بثقافة دولة ما للعالم لإزالة كل الصور النمطية المرتبطة بتلك الثقافة.
(مهرجان الجنادرية) يعتبر -بعد ثلاثة عقود من الخبرة- صورة حية للقيم الثقافية العريقة التي يزخر بها تراب المملكة. حيث استطاع هذا المهرجان الراقي أن يخرج بصيغة موحدة لما يمكن أن يُطلق عليه (الثقافة السعودية)؛ في دولة شبه قارة تحتوي على ثقافات صغرى لا عدد لها. وهذه نقطة ثقافية بيضاء هامة سيذكرها التاريخ لهذا المهرجان. فأي برنامج آخر ما كان له أن يخرج بمثل هذا التكامل والتصور الذي يرضي جميع أطياف المجتمع ويشعرهم بالانتماء للمجموع.
(الجنادرية) أصبحت بوابة الخبرة في مجالي التراث والثقافة. فهي تمزج بين عبق التاريخ الأصيل ونتاج الحاضر الزاهر.. وتشكل رابطا للتكوين الثقافي المعاصر للإنسان السعودي.
عندما أقيم معرض (المملكة بين الأمس واليوم) في العقدين الأخيرين من القرن الماضي؛ وهو النسخة المطورة من الثمانينات لمعرض (الرياض بين الأمس واليوم)، بدأ مشواره من دولة ألمانيا كأولى محطاته حول العالم. وكان لتلك الرحلات مردودات إيجابية في فتح مسارات اقتصادية رفيعة المستوى، كنتاج حقيقي للتعريف بالدولة السعودية المعاصرة.
الزمن العالمي الحالي هو زمن التعريف بالذات؛ أي الذات الثقافية. ومن لا يعرّف بذاته، يتم قيادته والتعامل معه سياسيا وثقافيا واجتماعيا بمفهوم القطيع.
الاستثمار الحالي لمهرجان الجنادرية يتطلب أن يتم الانتقاء بتناسق احترافي بين المفردات الثقافية التي تقدم في المهرجان وتضاف عليها رؤية 2030 للمستقبل السعودي، ويتم تحويل كل أولئك إلى مهرجان عالمي يقام كل عام في دولة ويستمر طوال ذلك العام، لينتقل في العام التالي لدولة أخرى، أي يعمل كسفير ثقافي للنوايا الحسنة للمملكة في كل أرجاء العالم تحت سماوات تتحدث لغات مختلفة، أو على أقل تقدير لهجات مختلفة في ثقافة مختلفة. ولو تم تطبيق فكرة استثمار الجنادرية حول العالم بدءا من هذا العام، بحلول 2030 سيكون المهرجان قد كسب 13 ثقافة عالمية.
عندما يجهل العالم ثقافة بلد ما بكل مكوناتها الدينية والاجتماعية والاقتصادية... يصبح التعريف بهذه الثقافة مطلبا وليس خيارا.
التعليقات