علي سعد الموسى

هل يمكن عزيزي القارئ وفي المستقبل المنظور أن تستيقظ صباحا، وقد انتهت من الأسواق، وغابت عن الأرفف صناعة الصحافة الورقية؟ 
قد يحدث هذا، وقد لا يحدث أيضا، وللاحتمالين المتناقضين ما يدعمهما من نظريات أساتذة علم الاتصال والإعلام، وكل ما أتمناه أن يدرك، معالي الصديق، الوزير عادل الطريفي، أهمية الصحافة الورقية في بناء الرأي العام، وبدونها سيفقد البلد ذراعه الإعلامي الأول في ظروف محلية وكونية بالغة الخطورة، ومع كامل امتناني فالصحافة الإلكترونية وكل بقية وسائط الاتصال الإلكتروني لا يمكن لها بناء محتوى صياغة وتشكيل فكرة الرأي العام، لأنها جميعا مجرد نواقل خبرية تتسابق إلى الإثارة، وأحيانا إلى تكريس الإشاعة وحتى الأخبار الصفراء، لأن هذا ما يطلبه الجمهور. 
ومن الخطأ التاريخي أن تتفرج الوزارة على هذه الاحتمالات الرمادية لعالم الصحافة التقليدي.
لا تزال الصحافة الورقية في الغرب وكل المجتمعات الحرة على طاولات الصباح وغرف الفنادق. لا زالت هي الأيقونة الأقوى في بلورة الوعي وتوجيه سيكولوجية الجماهير.
في اليوم الرابع لفوزه بالرئاسة الأميركية ذهب دونالد ترمب إلى مقر صحيفة نيويورك تايمز، رغم أنها كانت عدوه المعلن اللدود طوال الحملة الانتخابية. وبالأرقام فإن أهم 47 مقالا من بين الخمسين الأقوى في بريطانيا لعام 2016 جاءت من صحف ورقية خالصة.
الصحافة الورقية ليست مؤشرا للوعي الداخلي فحسب، بل هي أيضا العنوان والمدخل لتسويق الصورة الإعلامية لأي دولة وشعب، ويؤسفني، بالمثال، أنني لا أجد الصحيفة على باب غرفتي الفندقية السعودية مثلما أجدها كل صباح في كل مدينة ذهبت إليها في الفترة الأخيرة. كانت معي مفتاحا لحركة الحياة اليومية وشكلها الدقيق في مدينة مثل سياتل الأميركية، مثلما كانت الصحيفة الورقية مدخلي إلى عوالم طوكيو باللغة الإنجليزية، ولا ينكر أحد أن أخر ثلاث صحف وطنية ورقية قد دفعت باتجاهات الرأي العام المحلي إلى آفاق غير متوقعة وغير مسبوقة، وأسهمت بشكل كبير في تهيئة الجمهور الواسع للقبول بحركة التغيير الشاملة، ودفع مسيرة الإصلاح الاجتماعي ودعم اتخاذ وتسويق القرار، وهى أدوار لم ولن تستطيع الصحافة الإلكترونية القيام بها على الإطلاق، لأنها منصات خبرية خالصة. أختم: معالي الوزير: المسألة بالغة الأهمية.