مطلق بن سعود المطيري
زيارة وزير الخارجية عادل الجبير لبغداد هي ليست كل شيء في العلاقات السعودية العراقية، ولكنها شيء مهم جدا في العلاقات التي لا يمكن وصفها قبل هذه الزيارة بالجيدة وربما يستمر هذا الوصف فيما بعدها، العراق ليس اليوم بالبلد المهم إستراتيجيا للمملكة ولكن بناء علاقة جيدة معه ربما تجعله يكون مهما إن أراد،
غير مهم لأن مصدر خطورته أو مفتاح الخطر الذي يحمله تحريكه ليس بيده، وهذا أمر فرضته عليه استحقاقات الاحتلال الأميركي والهيمنة الإيرانية على أغلب مكتسباته السياسية والإستراتيجية، فبلد قادته التحولات المرحلية من مرحلة الديكتاتورية والحصار إلى مرحلة الاحتلال والتبعية يصعب معرفة إرادته السياسية المستقلة التي تمكنه من إقامة علاقات سياسية متوازنة مع أطراف لا تقبلها دول لها السيطرة الفعلية على نظام الحكم والقرار وتملك أدوات قهر الشارع وتوجيهه لخيارات طائفية تنقله من عبث إلى عبث.
زيارة الوزير الجبير إلى بغداد يمكن وصفها بعملية البحث عن إرادة سياسية مستقلة أو على الأقل قاعدة أساسية وطنية يمكن أن يبنى عليها إرادة مستقلة، يعرف المسؤولون العراقيون قبل غيرهم من بقية الشعب، أنه لا أطماع للمملكة في بلدهم وكل ما تريده هو منع الأذى عن نفسها، وهذا الهدف له طرق عديدة من بينها إقامة علاقات جيدة مع العراق، وتبقى طرق أخرى إن تعذر طريق العلاقات الجيدة.. السياسي العراقي الذي جاء بعد الاحتلال 2003 سياسي بنى مهنيته السياسية على أزماته في الداخل وليس لديه خبرات في السياسة الخارجية أو ربما هكذا كانت تريد طهران، فنوري المالكي الذي كان يتهم نظام بشار الأسد بإرسال الإرهابيين للعراق، أصبح بأمر إيراني يقوم بتجنيد المليشيات الطائفية وإرسالها لسورية للدفاع عن نظام بشار الأسد، فالسياسة الخارجية لبلد كالعراق اليوم غير واضحة المعالم فالأكراد لهم سياسية خارجية تختلف عن السياسية الخارجية للحكومة المركزية، فمازال العراق غير محدد الوجهة هل جهته عربية أم فارسية أم مكان لتصفية الحسابات الإرهابية والطائفية؟ فمع كل هذا الغمام الداكن إلا أن الأمل مازال باقيا تغذيه رغبة الشعب العراقي بالتخلص من حالة التمزق والحروب والهيمنة الإيرانية، ولن يكون العراق عراقا له وضع مستقر وهوية موحدة إلا بإحياء هويته العربية التي تجمع مذهبا مع مذهب ولها تاريخ طويل من المشاركة والانسجام مع القوميات الأخرى التي تحمل صفة العراق وتسكن جغرافيته، زيارة الجبير هي وعد بأمل يبشر بعراق يملك مصيره وإرادته، إن أراد ذلك.
التعليقات