خالد أحمد الطراح

نقلت وكالة كونا نفيا لنائب رئيس الوزراء وزير المالية أنس الصالح، في 6 ــ 3 ــ 2017، بشكل غير مباشر لما جاء في مقالي في 5 ــ 3 ــ 2017، بعنوان «وثيقة غير حقيقية»، مؤكدا «أن الوثيقة مبنية على دراسات صحيحة وأرقام حقيقية»، مشيرا إلى «عدم صحة ما يتردد عن الوثيقة بأنها بنيت على أرقام ودراسات غير حقيقية»!
مهنيا، يفترض على الوزير أن يوجه نفيه إلى صحيفة القبس، فبالنسبة إلي شخصيا لا أروج «للإشاعات أو التكهنات»، كما افترض الوزير في بيانه المعد ــ كما يبدو على عجل ـ علاوة على حرصي على دقة ومصداقية ما يتم نشره، تأكيدا لنهج مدرسة القبس أيضا، حيث تخضع مثل هذه الأمور للتدقيق المهني والقانوني أيضا.
لكن الوزير اختار وسيلة يستطيع من خلالها أن يفرض بيانه، حتى يكون بعيدا عن مرمى التعليق المهني، وهي ممارسة غير متعارف عليها، وتناقض أبسط القواعد الإعلامية إذا كانت الحكومة فعلا تسعى إلى ترسيخ المصداقية لرؤيتها!
ربما سبب سياسي دفع الوزير إلى تجاهل المصدر والكاتب، وليس ما «تردد إعلاميا» على حد تعبيره، فمصدر المعلومة «أن الوثيقة بنيت على أرقام ودراسات غير حقيقية»، نشرتها جريدة السياسة في 7 ــ 2 ــ 2017، ولم أختلقه شخصيا، وكان الخبر نقلا عن مصادر في اللجنة المالية، وعن أكثر من نائب أيضا، وصاحب الخبر تعليق جاذب نصّ على «كان التطور الجديد اعتراف الحكومة على لسان الصالح بأن الوثيقة لم تبن على دراسات وأرقام حقيقية ــ مما فتح شهية النواب للحديث عن نسف الوثيقة»!
لست بصدد استعراض نص الخبر، واكتفي في الأهم والمهم من فحواه، فتفنيد مضمون الخبر من مسؤولية وزير المالية وفريق الخبراء!
الخبر نشر في 7 فبراير من دون نفي الوزير وفريقه، علاوة على إنني كنت أحد المتابعين والمترقبين لتوضيح وزير المالية، مثلي مثل العم الفاضل خالد العيسى الصالح، الذي اتصل بي مشكورا، مؤكدا قراءته للخبر، وانتظاره لرد الوزير، بينما استنفر مقالي بعد شهر من نشر خبر السياسة وزير المالية، يوم انعقاد مجلس الوزراء، بسبب انتشار المقال، وتعليقات إيجابية للعديد من خبراء الاقتصاد والمهتمين بالشأن الاقتصادي، وتحديدا ما يسمى بالوثيقة.
لمزيد من التوضيح، لم يصدر من وزير المالية رد على كل ما نشر عن وثيقة يتيمة الأب والأم منذ ما يزيد على عام، سواء من قبل خبراء اقتصاد ومتابعين، إلى جانب أحاديث صحافية مطولة للأخ العزيز الشيخ سالم العبدالعزيز، نائب رئيس الوزراء وزير المالية ومحافظ البنك المركزي السابق، كان آخرها في يوليو 2017 (الراي)، الذي قال «إن الوثيقة خلت من الكثير من الأمور»!
الإصلاح هو «مسيرة وطنية ذات طبيعة دينامكية مستمرة» تستوجب خريطة طريق، وهو ما أكده الشيخ سالم، ولا أظن أن حديثا مثل هذا سهل الاستيعاب على من في غير مجاله!
وثيقة الوزير تتألف من بيانات صماء ومؤشرات، وليست حلولا ومعالجة عميقة لاختلالات اقتصادية ومالية واجتماعية تداوي جراح الأمس واليوم!
تسويق الوثيقة يتطلب احترافا سياسيا واقتصاديا يخلق شراكة حقيقية مع الشعب على أساس المصداقية والمهنية، إلى جانب ضرورة تقديم الجانب الاقتصادي على السياسة المالية والنقدية، فالإصلاح غير قابل للتجزئة!