يتوجه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، غدا الأحد، إلى واشنطن في زيارة رسمية، تلبية لدعوة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ليكون ثاني مسؤول عربي رفيع في ضيافة الإدارة الجديدة في غضون أيام قليلة، بعد زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد في السعودية.
وترجح مصادر عراقية مطّلعة في تصريح لـ”العرب” أن تسيطر على الزيارة متابعة استراتيجية سحب العراق من الهيمنة الإيرانية، وهي استراتيجية يتم تنفيذها بتحالف أميركي سعودي تركي.
ووفقا لمصادر “العرب” في بغداد، فإن تعاقب زيارتي الأمير محمد بن سلمان والعبادي إلى الولايات المتحدة “ليس صدفة”، لا سيما بعد الإشارات الكثيرة على دور واضح تلعبه واشنطن في التقريب بين بغداد والرياض.
ويعول رئيس الوزراء العراقي على الدعم الأميركي والغربي لمواجهة ضغوط شرسة من رئيسه في حزب الدعوة وائتلاف دولة القانون نوري المالكي.
وتقول المصادر إن البيت الأبيض أبلغ العبادي بأن لقاءه بترامب سيعقد بعد أيام من لقاء ترامب مع الأمير محمد بن سلمان.
وقد يعرض البيت الأبيض على العبادي خلال الزيارة، ملخصا للقاء التشاوري الذي عقدته قيادات سياسية سنية مطلع الأسبوع في إسطنبول، برعاية مباشرة من تركيا والسعودية ودعم أميركي، بحسب مصادر مطلعة.
ويضع المراقبون لقاءي ترامب بالأمير محمد بن سلمان والعبادي في دائرة واحدة، ليست بعيدة عن لقاء إسطنبول.
وكان رئيس الوزراء العراقي وجه انتقادات واضحة للقاء إسطنبول، عندما سئل عن رأيه فيه خلال مؤتمر صحافي في بغداد.
لكن العبادي لم يعترض، قبل ذلك، عندما أبلغه وزير التخطيط في حكومته سلمان الجميلي الذي ينحدر من مدينة الفلوجة غرب بغداد، نيته المشاركة في اللقاء، ما يشير، وفقا لمراقبين، إلى أن رئيس الوزراء العراقي يدعم سرا الجهود الأميركية والتركية والخليجية الرامية إلى توحيد صفوف الزعماء السنة في العراق، لكنه مضطر لانتقادها في العلن، مجاراة لموجة الغضب التي اجتاحت معظم وسائل إعلام الأحزاب الشيعية في بغداد منذ انعقاد اللقاء في تركيا.
خيرالله خيرالله: الرهان على العبادي مجازفة لتخليص العراق من هيمنة إيران
ومنذ زيارة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى بغداد في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، تشهد العلاقات بين بغداد والرياض تحسنا واضحا أنعشته زيارة وفد عراقي فني مطلع الشهر الجاري إلى السعودية لبحث فرص إعادة فتح معبر حدودي بين البلدين الجارين، وتسيير رحلات جوية منتظمة بين العاصمتين.
لكن الرسالة السعودية الأهم، بعد زيارة الجبير، هي إرسال الرياض طائرة تحمل العشرات من السعوديين الشيعة إلى محافظة كربلاء لأداء زيارة ضريح الإمام الحسين.
وتتسرب من المنطقة الخضراء أنباء عن نية السعودية تعيين سفير جديد في بغداد من المذهب الشيعي، خلفا للسفير ثامر السبهان.
وبحسب ساسة مطلعين في بغداد تحدثوا مع “العرب” فإن “الحراك السعودي المتزايد نحو العراق يترجم استراتيجية الإدارة الأميركية التي تستهدف إخراج العبادي من دائرة النفوذ الإيراني، وتشجيعه على التقارب مع دول كبيرة أخرى في المنطقة”.
وتكشف مصادر في بغداد أن من بين أهم الملفات التي ستبحث خلال زيارة العبادي، هو “مستقبل المناطق السنية”، لا سيما مع اقتراب عملية تحرير الساحل الأيمن في الموصل.
وعلمت “العرب” أن “التصور الأولي لدى كل من واشنطن وبغداد بشأن إدارة الموصل أنها ستكون، على الأرجح، عسكرية”، لتجنب تفضيل أي فصيل محلي على آخر في هذه المدينة، ما قد يشكل مقدمة لصراعات جديدة.
واختبرت بغداد نموذج تكليف قائد عسكري بإدارة الساحل الأيسر، عندما كلفت الفريق الركن رياض جلال توفيق قائد القوات البرية الذي ينحدر من الموصل، بإدارته.
واعتبر المعلق السياسي اللبناني خيرالله خيرالله أن هناك سؤالا تطرحه زيارة العبادي لواشنطن للقاء ترامب، هل يمكن الرهان على الرجل في انتزاع العراق من إيران؟
وقال في تصريح لـ”العرب” إن “الرهان على ذلك، يبدو رهانا أميركيا ـ سعوديا، وهو مجازفة كبيرة. هذا ليس عائدا إلى أن العبادي عضو في حزب الدعوة الإسلامي ذي العلاقة العضوية مع النظام الإيراني فحسب، بل إلى عمق الوجود الإيراني في العراق الذي تجسّده حال ميليشيوية ممثلة بالحشد الشعبي”.
وأضاف أنه “لم يكن هناك مفرّ من الرهان على إعادة العراق إلى وضعه الطبيعي بعيدا عن إيران مجددا، لا لشيء سوى لأنّه لم يكن لدى إيران ما تقدّمه للعراق والعراقيين باستثناء الفقر وإنعاش الغرائز المذهبية”.
وأشار المعلق السياسي اللبناني إلى أنه “سيتوقف الكثير على من ستكون له الكلمة الأخيرة في معركة الموصل بعد هزيمة داعش، متسائلا: لكن من سيكون صاحب الانتصار؟ الميليشيات المذهبية الموالية لإيران تحت تسمية “الحشد الشعبي”، أم القوات النظامية العراقية المدعومة أميركيا؟
وبالنتيجة يقول خيرالله خيرالله “سيتوقّف على نتيجة معركة الموصل ما إذا كان خروج العراق من الهيمنة الإيرانية رهانا واقعيا أم لا”.
التعليقات