روزانا بومنصف
في المؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيس الاميركي دونالد ترامب مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في البيت الابيض غداة مجزرة ادلب استقطب الاهتمام اعلان سيد البيت الابيض ان "موقفي من سوريا والاسد تغير وما حصل غير مقبول بالنسبة إليّ"، باعتبار أنه حدد معالم سياسة او اجراءات قال انه سيعتمدها.
وهو ما سينتظره العالم على الارجح في المرحلة المقبلة من تعامل الادارة الاميركية مع الازمة السورية والمتغيرات التي طرأت عليها، وهل ستكون هناك متغيرات شكلية او جوهرية تعيد واشنطن الى دائرة القرار في ما خص الحرب السورية؟. الا ان مما قاله ترامب ايضا ولم يحظ بالاهتمام الكافي كان عبارة مرّت مرور الكرام ولم ترد في غالبية وسائل الاعلام، باستثناء بعض وسائل الاعلام الاميركية، قال فيها انه يخطط للتعامل مع "حزب الله". اذ توجه الى احد الصحافيين بالقول: "سترى، ستكون هناك رسالة اليهم. وسترى اي رسالة ستكون".
وقياسا على عدم ايلاء هذا الموقف اي اهمية، فإن ثمة ما قد يدعو الى التساؤل اذا كانت عبارة من خارج السياق وتم الاستغناء عنها، خصوصا انها وردت في وكالات الانباء لدى نقلها المؤتمر الصحافي لترامب الذي اتخذ موقفه من النظام السوري الاولوية نتيجة اعلانه تبدل موقفه من النظام ومن سوريا كليا. في أي حال، وبما انه ليس واضحا ما هي الخطوات التي سيتخذها الرئيس الاميركي من النظام السوري او مدى جديتها، فإن ذلك لا يسري بالمقدار نفسه على ما سيعتمده بالنسبة الى الحزب، على افتراض انه كلام جدي وحقيقي، لكنه لم يأخذ أبعاده الجدية في ظل التركيز على موضوع ادلب وعدم تحييد الأنظار عنه بمسائل أخرى.
إذ إن الحزب يبقى، على رغم الحماية الاقليمية التي يتمتع بها، وكذلك حجمه الاقليمي، أكثر سهولة للاستهداف من النظام نظرا الى حجم المصالح الدولية حول هذا الاخير في هذه المرحلة.
لكن هذا لا ينفي السؤال هل سيوجه ترامب رسالة الى الحزب لصلته بوضعه في سوريا، تبعا لانخراطه في الحرب الى جانب النظام ودفاعه عنه، أو هي رسالة الى النظام عبر الحزب وعبر التنظيمات الشيعية الاخرى التي تحارب الى جانبه، وتاليا فإن الرسالة ستكون في سوريا وليس في لبنان؟
والسبب الاخر الذي قد يدعو الى عدم اهمال توجيه الرسالة في سوريا يعود الى واقع ان سوريا هي اليوم الساحة التي يتم تبادل الرسائل فيها، علما أن لبنان يبقى قائما بفاعلية على هذا الصعيد، إنما ليس بالمقدار نفسه كما هي حال سوريا راهنا. يشهد على ذلك الاستهداف الاسرائيلي جوا لما يروج انه قوافل تنقل اسلحة الى الحزب عبر سوريا، وفق ما يجري في الاعوام القليلة الماضية، على غير ما كانت عليه الحال قبل اندلاع الانتفاضة السورية حيث كان الاستهداف الاسرائيلي يحصل على الأراضي اللبنانية لقوافل أسلحة مفترضة للحزب، علما أن ثمة قلقا اسرائيليا ايضا من السعي الايراني وسعي الحزب الى التمركز في الجولان عبر مساعدة النظام على إعادة سيطرته في المنطقة.
وهذا الموضوع كان في صلب الاتصالات التي أجراها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في كل من واشنطن لدى زيارته الرئيس الاميركي كما لدى زيارته موسكو للقاء الرئيس فلاديمير بوتين أكثر من مرة. إلا أن هذا لا يمنع السؤال: هل ستكون الاجراءات الاميركية المتصلة بفرض عقوبات على الحزب وفقا لما يتم تداوله منذ بعض الوقت بالنسبة الى إجراءات تطاوله في لبنان، أم أمرا آخر مختلفا كليا؟ وهل يجب أن تستنفر السلطات اللبنانية تبعا لذلك من اجل تجنب ما يمكن ان يطاول لبنان، بالاستناد الى حراجة الوضع في لبنان بعد فرض عقوبات اميركية على الحزب والتضييق على المؤسسات التي تدور في فلكه ماليا في الآونة الاخيرة؟.
يقول مراقبون سياسيون ان الكلام على عقوبات محتملة على الحزب قائم منذ شهرين على الاقل، وليس جديدا الا كونه يستكمل في عهد الرئيس دونالد ترامب ما اتخذته ادارات اميركية متعاقبة. وثمة توقعات متعددة في هذا الاطار بدأت بعض المصادر تمهد لها، لئلا تشكل مفاجأة في الوضع اللبناني.
البعد الجديد الذي يتخذه ذلك يكمن في ان الرئيس الاميركي بالذات هو من اخذ على عاتقه اعلان توجيه رسالة الى الحزب مما يعني أن ذلك سيكون محتملا بناء على انه في الوقت الذي يشكك كثر في طبيعة الاجراءات التي يمكن ان يتخذها ضد نظام بشار الاسد بعد قصفه ادلب بغازات محظرة، فان ذلك سيكون اسهل في ما يتعلق بالحزب الذي لا يزال يصنف منظمة ارهابية بالنسبة الى الولايات المتحدة، وهو غدا كذلك بالنسبة الى بعض الدول العربية التي قال ترامب انه يتضامن معها في ظل لقاءات اخيرة عقدها مع ابرز قادتها فضلا عن ان موضوع النفوذ والتمدد الايراني في المنطقة كان من اهم اولويات البحث بين الجانبين الاميركي والعربي.
ووفقا لهؤلاء المراقبين فان من المهم ان يتابع لبنان عبر اتصالاته الديبلوماسية الاطار الذي ورد فيه كلام الرئيس الاميركي ومحاولة استطلاع ابعاده بالاضافة الى العمل على الحؤول دون انعكاسات مؤذية قد تترتب عليه اذا كان يمس لبنان، نظرا الى ان القرارات الاميركية وآليتها يصعب دحضها بمجرد وساطة لبنان الديبلوماسية او السياسية، بما يمنع أي اجراءات ضد الحزب مثلا.
التعليقات