عماد المديفر

«ندين استخدام الأسلحة الكيماوية من أي دولة، وتحت أي ظرف..» هذا هو رد فخامة الرئيس الصيني شي جينبينج فور علمه بقيام القوات المسلحة الأميركية بقصف مطار

«الشعيرات» بـ59 صاروخ توما هوك عابر من خلال مدمرتين أميركيتين في البحر الأبيض المتوسط كردة فعل أولية تجاه مجزرة المجرم «بشار الكيماوي» في خان شيخون بريف إدلب.. التي راح ضحيتها أكثر من 120 مدنياً سورياً معظمهم من الأطفال.. بخلاف الـ400 مصاب، وهي المجزرة الكيماوية الأولى في عهد الرئيس الأميركي الحازم دونالد ترمب، والمجزرة الكيماوية الخمسين -بحسب وزارة الخارجية الأميركية- منذ «خطوط أوباما الحمراء» ضمن سلسلة مجازر جماعية متنوعة وبأسلحة دمار شامل مختلفة، اقترفها الإرهابي بشار الأسد ونظامه الساقط، في حق أبناء الشعب السوري.

هذا الموقف الصيني المتقدم الذي اتخذه فخامة الرئيس «شي جينبينج» أثناء زيارته الرسمية للولايات المتحدة؛ لم يكن وحيداً.. بل كان ضمن سلسلة مواقف إيجابية أخرى اتخذتها القيادة الصينية الحكيمة بعد أن تكشفت لها حقيقة الأوضاع المأساوية في سوريا التي كان سببها الرئيس «أبو الإرهابيين» بشار الأسد.. كما وصفه معالي وزير الخارجية البريطانية

«لوريس جونسون» بناءً على معلومات استخبارية ميدانية وحقائق موثقة على الأرض؛ أبدت بوضوح العلاقة البنيوية وعلاقة الاعتماد المتبادل بين نظام المجرم بشار الأسد والجماعات «الجهادية» الإرهابية في كل من سوريا والعراق ولبنان وأفغانستان التي تمتد لأكثر من 15 عاماً، التي بدت بالتكشف مع بروز دور المخابرات السورية والحرس الثوري الإيراني في دعم نشأة «القاعدة في بلاد الرافدين» -حيث كان نظام الأسد يستخدم الأراضي السورية كمحطة للتجنيد والعبور والدعم اللوجستي كما صرح بذلك مراراً هوشيه زيباري وبناءً عليه رفع العراق دعوة بمحاكمة دولية لنظام بشار الأسد ثم سحبها بناء على وساطة تركية- التي تحولت فيما بعد -أي القاعدة في بلاد الرافدين- إلى «الدولة الإسلامية في العراق» ثم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» أو «داعش» بعد أن استدعت المخابرات السورية هذه المجاميع الإرهابية لدخول الأراضي السورية ونشر الموت والإرهاب في المناطق المحررة لتبرير استمرار آلة القتل الأسدية الإيرانية في حق أبناء الشعب السوري المسالم، من ناحية، ولجعل الشعب السوري بين فكي كماشة.. إرهاب داعش، وإرهاب نظام الأسد، من ناحية أخرى.

تعلم الصين جيداً بأن داعش والمخابرات السورية كانا قد استقطبا عملياً -وضمن جنبات داعش- عناصر إرهابية صينية من إقليم «شينغيانغ» تنتمي بالأساس لتنظيم «الحزب الإسلامي التركستاني» الإرهابي الذي كان يُعرف سابقاً بـ»حركة تركستان الشرقية الإسلامية» التي أسسها الإرهابي الصوفي

«حسن محسود» ذي العلاقة الوثيقة بحركة «طالبان» الصوفية الديوباندية وبالإرهابي الإخواني الهالك «أسامة بن لادن» الزعيم الأول لتنظيم «القاعدة»، الذي قُتل -أي محسود- على يد حليفنا التقليدي الجيش الباكستاني ضمن حملة باكستانية مكافحة للإرهاب نهاية 2003م، عليه فإن الموقف الصيني في الأساس كان ولا يزال موقفاً أخلاقياً بالدرجة الأولى.. وداعماً للشرعية وضد الفوضى والإرهاب.. وضمن هذا السياق نفهم الموقف الصيني الذي قال عنه وزير الخارجية الأميركية تيلرسون إن الصين «أبدت تفهمها للضربة الأميركية على الأهداف العسكرية التابعة للمجرم الأسد».. ثم ما تبعها من عدم عرقلة مندوب الصين في مجلس الأمن لقرار أممي ضد نظام مجرم الحرب بشار الأسد عبر امتناعه عن التصويت؛ وهو الأمر الذي دعا مسئولاً أمريكياً رفيعاً للإشادة به، والقول إن قرار الرئيس الصيني بعدم استخدام الفيتو يرجع إلى عزم بكين عدم عرقلة قدرة الأمم المتحدة على عقاب وردع الإرهابي بشار الأسد ونظامه الفاقد للشرعية.

الموقف الصيني في الواقع يأتي منسجماً مع مبادئ الصين في نشر السلام ومكافحة الإرهاب والحفاظ على وحدة الأراضي السورية وقيام حكومة شرعية معتدلة غير ملوثة بالدماء ودعم ورعاية الإرهاب.. حكومة شرعية تحترم المبادئ والقوانين والأعراف الدولية يرتضيها الشعب السوري، وتراعي مصالحه على أساس حق المواطنة.. وبخلاف ذلك؛ فإن سوريا الأسد ستستمر بؤرة عالمية لنشر ورعاية الإرهاب والتطرف وزعزعة الاستقرار في المنطقة.. وهو ما أعلنته ميليشيات المجرم بشار صراحة بشعارها الإرهابي الذي تهدد به: «الأسد.. أو نحرق البلد»..

الموقف الصيني المتطور، هو موقف شجاع وله دلالته وثقله الكبير دون شك.. ودائماً ما كانت المواقف الصينية تتسم بالشجاعة.. إلا أن هذا «التموضع» يأتي كنتيجة لقراءات الحكيم الصيني وسعيه في توفير الظروف الملائمة التي تفسح المجال لتبلور رأي دولي متوائم، وتعاون دولي منسجم تجاه المأساة السورية.. ولوضع حد لها، ولإيقاف معاناة الشعب السوري والقضاء على الإرهاب والفوضى في المنطقة والعالم.

هذا الموقف الصيني المتقدم ينبغي تلقفه بكل ما يستحقه من حرص واهتمام وتثمين عال، وقراءته بعمق أكبر، كإشارة سياسية مهمة في إطار الشراكة الإستراتيجية لجمهورية الصين الشعبية العظيمة.. معنا كشعوب ودوّل عربية ومسلمة.. وهنا نستذكر دوماً موقف الصين الرائع من جميع القضايا العربية والإسلامية.

إلى اللقاء