أميمة الخميس
أتلقى في بعض الأحيان عروضا من دور نشر عربية مغمورة تستقر في أوروبا, لترجمة أعمالي الأدبية لأكثر من لغة, مقابل مبالغ مالية.
وقبل أن أشعر بالبؤس للطابع التجاري للعرض والذي لايتعلق بالقيمة الأدبية أو الجودة الفنية , أعلم بأن البوابة التي تفضي إلى ديارنا, مابرحت مرمى أفئدة المغامرين ومقتنصي الفرص, فتحاول بعض دور النشر أن ترمم ميزانيتها المتعثرة عبر محافظنا.
هذه الصورة قد يكون لها مايبررها قبل نصف قرن, لكن الآن قد تكون مؤشرا سلبيا على عجزنا عن الهرولة في المضمار الإعلامي الخارجي كما الأفراس النجيبة, والسيطرة على مهارات صناعة الصورة الذهنية الحضارية ( لن أقول تجمل أو تلمع ) بل فقط تعكس حقيقة إنسان هذا المكان وقدراته ومواهبه.
وعندما كتب المفكر الكويتي محمد الرميحي في منتصف الثمانينات مؤلفه (الخليج ليس نفطا) بل إنسان وأرض , كان يحاول أن يخلق وعيا جديدا ليس للعالم العربي فقط بل لسكان الخليج أنفسهم العاجزين إلى الآن عن الاستثمار في صناعة الانسان .
بينما طبقة الإنتلجنسيا والفنانين وصناع الرأي في مصر الخمسينيات والستينيات , صنعوا لها مركزية ثقافية دارت في أفلاكها الشعوب العربية لسنوات طوال.
والجميع يعلم بإن الضجيج الهوليودي هو الذي جعل من النمط الأميركي للحياة نموذجا عالميا يكتسح العقول والأذواق.
الأسبوع الماضي أسبوع حصاد ثمين للمملكة على مستوى العالم العربي, قطف الشاعر إياد حكمي جائزة إمارة الشعر, وقطف الروائي محمد علوان جائزة الرواية العربية (البوكر), وفازت هيئة الإذاعة والتلفاز بست جوائز في المهرجان العربي للإذاعة والتلفاز..
و لن أسأل هنا لماذا لاتنطلق الجوائز من أرضنا؟ لكن فقط أود أن استفسر عن قوانا الناعمة لهذا الأسبوع, هل لدينا خطة إعلامية تجعلهم جزءا من واجهتنا والحضارية .
وهل هناك عمل مؤسسي يتصل بهذا ؟
على سبيل المثال المشارك السعودي في مسابقات الأغاني والمواهب, من الممكن أن تستثمر نجوميته على أكثر من صعيد , لكنه دوما يبدو خامة مرتبكة ولم تصقل وتدرب لمثل هذه المواجهات, ولا تتبناه أي جهة في دورة إعداد وتأهيل لمدة وجيزة على الأقل, فيبدو حضوره من باب رفع العتب.
عندما نزهو بمبدعينا وفنانينا, وصولاً إلى منتخب كرة القدم, فنحن لانزهو بأشخاص منفصلين أو طارئين على خلفيتهم الثقافية, أو البيئة الحاضنة, بل بمشروع حضاري, لدولة آمنة مستقرة برفاه اقتصادي,فوق تربتها تزهر الآداب والفنون وصناعة النجوم, دولة قادرة على قيادة الرأي العام وصياغة التوجهات في العالم العربي.
ما سبق هو بعض من شؤون الثقافة, وشجون الإعلام في وطننا, ...أعان الله الوزير الجديد على هذا الملف الثقيل المكهرب والمتطلب معا.
التعليقات