أيمن المهدى

لا أنساه أبدا عندما رمقنى بنظرة فيها حدة واستنكار وهو يقول لى «انت ازاى ماشى كده؟» وبدأ يقلد طريقتى فى المشى التى لا تعجبه،

فقلت له باستنكار أشد فهو ليس بصاحبى مثلا ليتجرأ على سؤالى بهذه الحدة.. وماذا فيها؟! فقال عليك أن تمشى هكذا وبدأ يستعرض مشيته التى يريدنى أن أتبعه بها!

‎وكان هذا الشاب ممن يلبس الجلباب القصير ويطيل لحيته إلى ما بعد صدرة وكل ما أعرفه عنه أنه يتبع جماعة الدعوة والتبليغ ويبدو أنه كان يرانى أصلى بالمسجد فاعتبر نفسه وصيا عليَّ ..كنت ما زلت طالبا فى الجامعة وأريد أن أتعرف على من حولى لكنى بالفطرة كنت أنفر ممن يريد أن يفرض رأيا أو وجهة نظر دينية أو سياسية، ولذلك فلم تفلح معى «حركات» مثل هذا الشاب الجاف أو حتى غيره من الجماعات الأخرى الأكثر مرونة وذكاء فى طرق اصطياد الأعوان خاصة من باب الدين.

‎..ويبدو أنهم وجدوا فى شخصيتى المجادلة والنقدية عدم صلاحية فلم يطالبنى أحد باتباعه، فهم يريدون كل من يقول «حاضر وتمام» ولم أكن منهم.. فى هذه الفترة اكتشفت الفرق بين المسلم والإسلامجي! فالأول يرى أن الله يحميه. بينما الإسلامجى يرى أنه هو الذى يحمى الله، والمسلم يهتم بإيمانه بينما الإسلامجى مهموم بإيمان الآخرين، المسلم يرى أن الدين بين العبد وربه بينما الإسلامجى يرى أن كل من يخالفه كافر أو على أقل تقدير عاص ومذنب، المسلم يرجو هداية الناس بينما الإسلامجى يدعو على المخالفين بدخول النار.. هذا ما تعلمته على يد علماء بالأزهر، الجامع والمنارة الذى ينالون منه الآن بدم بارد، لكنه برعاية الله رغم أنوفهم.