علي الخشيبان
تعتمد أميركا بشكل كبير على الدور الذي لعبته السعودية في محاربة الإرهاب بشكل مميز، حيث ساهم الأمن السعودي في تمرير الكثير من المعلومات الاستخباراتية المهمة التي ساهمت في إحباط عمليات إرهابية في مواقع متعددة من العالم..
ستكون السعودية المحطة الأولى للرئيس الأميركي ترامب الذي قال "رحلتي الأولى إلى الخارج كرئيس للولايات المتحدة ستكون إلى المملكة العربية السعودية"، وهذا يأتي بعد ثماني سنوات من الضبابية المتعمدة التي افتعلها الرئيس أوباما لتشكيل صورة العلاقات بين البلدين عندما كان في البيت الأبيض، السؤال المهم: ما الذي يمكن تحليله خلف هذه العلاقة بين البلدين..؟
بشكل واضح وبعد مئة يوم من أيام ترامب في البيت الأبيض، يتم الآن بناء وتطبيق الخطوط العريضة لسياسة الرئيس ترامب الخارجية، ولعل أهم هذه الخطوط في منطقة الشرق الأوسط هو إعادة الالتزام بتقاليد السياسة الأميركية التي بناها الأوائل تحديدا في العلاقات السعودية الأمريكية، يبدو بوضوح أن الدور السعودي ينتظره الكثير من المهام المشتركة مع الرئيس ترامب الذي يبدي ثقة كبيرة بالعلاقة مع السعودية التي تضم أكثر الأماكن قدسية لدى المسلمين.
السعودية وأميركا شريكان رئيسيان في محاربة الإرهاب، وتعتمد أميركا بشكل كبير على الدور الذي لعبته السعودية في محاربة الإرهاب بشكل مميز، حيث ساهم الأمن السعودي في تمرير الكثير من المعلومات الاستخباراتية المهمة التي ساهمت في إحباط عمليات إرهابية في مواقع متعددة من العالم، ويحسب هذا الدور المميز في بناء منهجية صارمة تحارب الإرهاب لولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف مهندس الحرب على الإرهاب، ومن المؤكد أن هذا الدور السعودي في محاربة الإرهاب سوف ينعكس بقوة في هذه الزيارة.
من جانب آخر؛ بدا واضحا أن الرئيس ترامب يعتبر السعودية شريكا موثوقا في المنطقة على عكس ما كان يطرحه الرئيس أوباما، وقد بدا ذلك بوضوح أثناء استقبال الرئيس الأميركي لولي ولي العهد السعودي في مارس الماضي، فمن الواضح أن تلك الزيارة لعبت دورا كبيرا في تقريب الكثير من المسارات، وأبدى الطرفان الإيمان بأن المصالح المشتركة بينهما يجب أن تشكل دافعا لتحمل المسؤولية، فالبراغماتية التي ينتهجها الطرفان من أجل تحقيق المصالح العليا والاستراتيجية للدولتين مرجعية قوية لتعزيز مسار عقلنة سياسية تعيد تشكيل التعامل مع القضايا الإقليمية والدولية.
ترامب قال عن السعودية إنها محور العالم الإسلامي بوجود الأماكن المقدسة، وهذه حقيقة راسخة عبر التاريخ، لذلك فإن هذه السمة مهمة في بناء أي تصور سياسي عن السعودية التي تشكل بطبيعتها الجغرافية بؤرة روحانية لكل المسلمين، فالرئيس ترامب يستشعر بقوة وجود مشكلة عالمية في قضايا تقييم الإسلام وضرورة إخراجه من التهم التي تطاله وليس هناك موقع في العالم سوى السعودية يمكن البدء منها في إعادة المصالحة الدولية مع الإسلام بخصائصه الإنسانية وتطلعاته نحو الحياة بعيدا عن التطرف الذي ارتسم على بعض اتباعه وأساء إلى كل المنتمين إلى الإسلام.
مسؤولية القادة في السعودية وأميركا تتجاوز دولهم نحو البشرية كلها، وهذا المنطق تبرره السمات التي تتميز بها السعودية وأميركا وخاصة في عمليات التصالح مع الإسلام التي يسعى الرئيس الأميركي إلى الحديث عنها وتنفيذها على أرض الواقع، وهذا يتطلب مشاركة لا يمكن القيام بها دوليا دون السعودية حيث مقدسات المسلمين، وهذا الاتجاه في سياسة الرئيس ترامب يعيد التقاليد السياسية بين البلدين إلى وضعها الطبيعي، فالسعودية تاريخيا شكلت مرتكزا دوليا في ترسيخ التعايش السلمي وسعت إلى ذلك حيث أصبحت مرجعية سياسية على المستوى الدولي.
العلاقات السعودية الأميركية لا تأتي في إطار تكاملي فقط، لأن التاريخ أثبت أن الحاجة مشتركة بين الدولتين لبناء جسر فعال من العلاقة القائمة على التقاليد المتجددة، والرئيس ترامب بمشروعه السياسي والاقتصادي يؤمن بالدور السعودي، كما تؤمن السعودية بأن أميركا العائدة إلى تقاليدها قادرة على فرض الأمن والسلم في العالم بمساعدة شركائها.
التعليقات