ثريا شاهين


كيف عادت الامور إلى طبيعتها بين لبنان والعرب، وكيف عاد العرب ليحتضنوا لبنان من جديد، وهو الأمر الذي تجسد من خلال القمة العربية التي عقدت في الاردن؟

تقول أوساط ديبلوماسية عربية بارزة، إنه منذ القمة العربية التي انعقدت في نواكشوط في تموز الماضي، ولبنان يعمل بديبلوماسية صامتة لإقناع العرب، بأن الإسلوب الذي يتبع مع لبنان لتوجيه رسائل إليه حول مواقفه والتي هي نتيجة النفوذ الإيراني المعروف، ليس هو الإسلوب الافضل لإيصال الرسالة. ولم يجد لبنان مناسبة عبر الإجتماعات العربية إلا ودعا العرب إلى عدم عزله عن محيطه العربي والخليجي، وأنه إذا عمل الخليج لعزله، فيكون قد عمد الى رميه نحو خلجان أخرى بعيدة، وستأتي جهة أخرى لتحتل دور العرب في لبنان. وكان المسؤولون العرب يردون، وكذلك ديبلوماسيوهم بأنه لن يتم التخلي أبداً عن لبنان، وهو كبير في عيون القادة العرب ولن يتخلوا عنه إطلاقاً. وقال بعض المسؤولين العرب رداً على ذلك، عبر الإتصالات واللقاءات، إنهم كانوا يدركون أن هذه المقاربة ليست كما يجب.

في هذه الأثناء، عمل لبنان على كل المستويات الرسمية سياسياً وديبلوماسياً على العلاقات الثنائية العربية. فوجد أن العديد من الدول تتضامن معه وتقتنع بطرحه. حتى إن بعض الدول قامت بمساعٍ مع البحرين التي كانت أكثر الدول تشدداً، بسبب وجود قناعة لديها بأن «حزب الله» يأتي بلبنانيين إليها لتخريبها وتخريب السلم فيها.

وعندما حصل إنتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وقام بزيارتين عربيتين خليجيتين، شرح موقف لبنان، أنه على الرغم من التشدد الموجود حيال التعامل معه، فإنه منفتح على الدول العربية كافة، وليس هو الذي إختار المسار، انما فرضته أحداث كثيرة. 

وبالتالي زيارات الرئيس العربية أثرت في الموقف العربي، وكذلك الصداقات التي تربط رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري بالدول العربية، فتضافرت الجهود كلها وجعلت دولاً عربية محورية تؤدي دور المُيسّر. كما أن هذه الدول أدركت أن ما يتضمنه بند «التضامن مع الجمهورية اللبنانية» المعروض على القمة، لا يطال العرب ولا يؤثر في أمن دولها الداخلي ولا على أوضاعها. فجرى عربياً فصل الموضوع اللبناني، أي بند التضامن عن المواضيع الأخرى. فقد كان العرب يربطون بين بند «التضامن مع لبنان»، وبند «التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية»، ولكن عندما تمت تجزئة المشكلة، حصل الحل وبالتالي، تم دعم بند لبنان إلى أن أصبح في صلب مقررات قمة الأردن.

لذا تضامن لبنان مع العرب في الموضوع الإيراني، وتضامن العرب معه في مشروعه الذي أدرج تحت بند «التضامن مع الجمهورية اللبنانية»، لكن شرط لبنان في تضامنه مع العرب، في ما خص التدخلات الإيرانية، هو عدم توصيف «حزب الله» بـ «الإرهابي»، لأنه لا يقبل بهذا التوصيف، فهناك نواب من الحزب في المجلس النيابي، ووزراء للحزب في الحكومة، وأي توصيف من هذا النوع، يعني توصيف السلطة كأنها ارهابية. ولبنان بقي وسيبقى على تحفظه في الموقف بالنسبة إلى توصيف الحزب بالإرهابي، لكنه تضامن مع العرب في القضايا الأخرى. فيما لم يطلب العرب منه أية مسائل أخرى، لا بل هم يدركون أنه الحلقة الضعيفة، لأن الأنظار تتجه إلى المسار الإيجابي الجديد الذي ستسلكه العلاقات اللبنانية - العربية.