بول ماكليري
في وقت متأخر من بعض ظهر يوم الثلاثاء الماضي، أسقطت الولايات المتحدة بنجاح صاروخاً افتراضياً باليستياً عابراً للقارات قبل أن يعاود دخول الغلاف الجوي للأرض بالقرب من جزر هاواي.
والاختبار الناجح لأهم برنامج للدفاع الصاروخي الباليستي يعد أخباراً طيبة بالنسبة لدولة تواجه تهديداً متزايداً لانتشار الصواريخ، لكن البرنامج ما زال يواجه تساؤلات بشأن سجل حافل بالمشاكل، وما إذا كان مواكباً للتقدم الذي تحرزه كوريا الشمالية في تكنولوجيا الصواريخ. وتشير التقارير الأولية إلى أن الاختبار قد حقق أهدافه، لكن المسؤولين عن البرنامج سيستمرون في تقييم النتائج استناداً إلى البيانات التي لا تزال تتدفق.
وجاء الاختبار الذي بلغت تكلفته 244 مليون دولار لبرنامج الدفاع الصاروخي الأرضي للبنتاجون، في الوقت الذي تشعر فيه واشنطن وحلفاؤها بقلق متزايد بسبب التطورات السريعة لبرنامج كوريا الشمالية الصاروخي وقدرة الدفاعات الأميركية على اعتراضها. وقال الأميرال جيم سيرينج، مدير وكالة الدفاع الصاروخي، إن الاعتراض هو «إنجاز لا يصدق» لبرنامج الدفاع الصاروخي الأرضي. وأضاف: «إن هذا النظام له أهمية حيوية للدفاع عن وطننا، وهذا الاختبار يثبت أننا لدينا قوة ردع جديرة بالثقة ضد أي تهديد حقيقي».
والاختبار، الذي يتم التخطيط له منذ فترة طويلة، لنظام كان باستمرار ضعيف الأداء في الميدان - حيث استطاع أن يدمر فقط نصف الصواريخ التي استهدفها خلال عشر سنوات من الاختبارات - كان الأول الذي يستهدف محاكاة لصاروخ باليستي عابر للقارات. قبيل التجربة كان برنامج الدفاع الأرضي قد أصاب بنجاح هدفه في تسع تجارب فقط من أصل 17 لإسقاط الصواريخ القادمة.
ومن غير الواضح ما إذا كان من المقرر إجراء المزيد من الاختبارات في المستقبل القريب، أو ما قد يعنيه النجاح بالنسبة للبرنامج بشكل عام، حتى يدرس المسؤولون العسكريون البيانات مباشرة بشكل أكبر.
إنها ليست مهمة محددة. وبصفة عامة، فقد أنفقت وكالة الدفاع الصاروخي نحو 190 مليار دولار منذ عام 1985، بينما تكلف برنامج الدفاع الصاروخي ما يقرب من 40 مليار دولار على مدى الـ15 عاماً الماضية. وعلى الرغم من هذا الاستثمار، فقد استطاع البرنامج فقط أن ينتج «نموذجاً متقدماً أساسياً»، كما كتبت «لورا جريجو»، عالمة فيزياء في اتحاد العلماء المعنيين.
وعلاوة على ذلك، كان اختبار يوم الثلاثاء هو الاختبار الأول لجهاز جديد يبلغ طوله خمسة أقدام، ويطلق عليه اسم «مركبة القتل»، وهو يوجه نفسه في اتجاه الصاروخ القادم، ويدمره بقوة الاصطدام. ويفضل مسؤولو البنتاجون قول إن هذا يشبه إصابة رصاصة برصاصة.
وأياً كانت مركبة القتل المستخدمة، فإن جميع الاختبارات تم إعدادها بشكل فائق، مع وجود تحذيرات مسبقة قبل الإطلاق. وهناك، تتفوق كوريا الشمالية فيما يتعلق بزيادة المخاطر، فقد بدأ المهندسون في البلاد مؤخراً إدخال تكنولوجيا الوقود الصلب في صواريخهم، ما يسمح لهم بالإطلاق بسرعة أكبر وإعطاء الأقمار الصناعية الأميركية تحذيرات أقل بأن الإطلاق قادم. أما الصواريخ الأقدم ذات الوقود السائل فتحتاج إلى عملية واضحة وأطول لإعادة التزود بالوقود، ما يجعل أجهزة المراقبة تحصل على المعلومات اللازمة. وكلما كان الإنذار الذي تتلقاه الأجهزة الأميركية أقل، قل احتمال نجاحها، وفقاً لما ذكره محللون. وفي العام الماضي، اعترف مكتب البنتاجون للاختبارات وتقييم البرامج بأنه لديه مجرد «قدرة محدودة» على الدفاع عن الولايات المتحدة ضد هجمات الصواريخ الباليستية. كما ذكر مكتب المساءلة الحكومية يوم الثلاثاء أن دفاعات البنتاجون الحالية ضد الصواريخ الباليستية «من غير المرجح أن توفر الدفاع القوي كما هو مخطط له»، وذلك على الرغم من تخصيص مبلغ 37 مليار دولار إضافية بالفعل لمثل هذه البرامج خلال الفترة من الآن وحتى عام 2021.
وكانت وكالة الدفاع الصاروخي قد طلبت 7.9 مليار دولار لعام 2018، تشمل 1.5 مليار دولار للدفاع الصاروخي الأرضي. ويوجد حالياً 36 طائرة اعتراضية، بينما تسعى الوكالة إلى توسيع الأسطول ليشمل 44 طائرة بنهاية عام 2017. يذكر أن إطلاق الصواريخ الكورية الشمالية أصبح يحدث أسبوعياً. وكان اختبار يوم الاثنين يتضمن ما زعمت كوريا الشمالية أنه صاروخ جديد أكثر دقة.
*كاتب أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
التعليقات