مصطفى الصراف

بتاريخ 2015/2/14 كتبت في جريدة القبس «هل ستفتح جبهة اليمن»، وذلك قبل أحداث اليمن، بناء على ما قرأته من مخطط للمنطقة قد رسم منذ سنوات، رسمه برنارد لويس الصهيوني وتحدث عنه هنري كيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق ومستشار مجلس الأمن القومي، تحدث لجريدة أميركية منذ أشهر مبينا العمل على تمزيق دول المنطقة وتقطيعها إلى دويلات متخاصمة مذهبيا وعرقيا في حرب قد تستمر مئة عام، ومنها الانطلاق إلى شرق آسيا لفرض الهيمنة عليها بعد الاستحواذ على منابع النفط والمعابر المائية في المنطقة. وكسيناريو لتنفيذ ذلك كان ما طرحته كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية السابقة في عهد الجمهوريين تحت عنوان «الفوضى الخلاقة».

وضمن ذلك السيناريو نفذ ما أطلق عليه الربيع العربي، الذي أعده معهد كانزاس للثورات الملونة وساعد على تنفيذه الإخوان المسلمون والسلفيون ومجموعات القاعدة من الدواعش والنصرة والمسميات الأخرى كبديل عن الجيوش الغربية وبإدارتها. ويأتي ضمن هذا السيناريو الذي قال عنه كيسنجر إنه بداية الحرب العالمية الثالثة مصلحة للأمن الإسرائيلي من جهة، وبإشغال الجيوش العربية في حروب بينية واستنزاف لثروات الأمة العربية ببيع السلاح لها من قبل الدول المصنعة للسلاح من جهة أخرى، وهذا ما يفسر خلو الدول الغربية من الحروب في ما بينها مع استمرارها في إنتاج السلاح لبيعه لدولنا الثرية وصرف أثمانه على تنمية شعوبهم وتدمير البنى التحتية لنا كلما حاولنا بناءها أو تطويرها. إذ إن آخر حرب كانت بين الدول الغربية هي الحرب العالمية الثانية التي انتهت 1945، ولكن مصانع السلاح بقيت تتنافس على إنتاجه وبيعه لأسواقنا بشروطها ثم تدميره.
ولذلك فإن من مصلحة الصهيونية العالمية أن تستمر المنطقة مشتعلة بالحروب وتعمل هي على إطالتها كلما هدأت، وها هي تعمل على تقسيم اليمن ليصبح مثله مثل ليبيا وسوريا والعراق، وربما سيأتي يوم قريب على مصر لتكون مثلها إذا ظلت الدول العربية تعتمد على حل خلافاتها بالحروب بدل الحوار والمفاوضات، ويغريها بذلك ما لديها من أسلحة. فخلق المبررات لزجنا في الحروب سهل بالنسبة إلى الصهيونية ما دمنا نحمل فكرا طائفيا ومذهبيا وعرقيا وتمييزا عنصريا. يغلب على الحكمة والمصلحة السياسية رغم انكشاف المخططات الغربية، بل وهم يصرحون بها ويعملون على تنفيذها علناً، ولقد جاءت مرحلة التقسيم التي أعلن عنها بيرنارد لويس الصهيوني، وها هو اليمن ينفصل عنه الجنوب في عدن، وقد تأتي بقية دول الخليج في مرحلة لاحقة كما تتنبأ به الأزمة الأخيرة.