زاهي حواس
أشرنا من قبل إلى أن العمال الذين قاموا ببناء هرم الملك خوفو كانوا يعملون طوال العام، ويحصلون على يوم واحد فقط إجازة كل عشرة أيام؛ وذلك طبقاً للنصوص التي عُثر عليها في دير المدينة، وهي القرية الموجودة بالبر الغربي في الأقصر، والتي عاش فيها العمال والفنانون الذين بنوا مقابر ملوك الدولة الحديثة، وأن العمال الذين بنوا الهرم وصل عددهم إلى نحو عشرة آلاف عامل، وكانت تتم زيادة عدد العمال أثناء الفيضان الذي كان يغمر البلاد، ولا يوجد عمل لأي عامل أو مزارع؛ لذلك كانت العائلات الكبيرة تقوم بإرسالهم للعمل في المشروع القومي للبلاد، وهو بناء الهرم.
وأيضاً أشرنا إلى أن كل الأحجار التي بُني منها الهرم كانت تأتي من هضبة الهرم وليس من طرة؛ لأن أحجار طرة كانت تخص كساء الهرم الخارجي فقط، وأن عدد أحجار الهرم لم يصل إلى مليونين و300 ألف حجر، كما أشارت كثير من الكتب العلمية وغير العلمية.
أما موضوع فترة حكم الملك خوفو، فقد أشارت بردية تورين الموجودة في متحف تورين بإيطاليا، إلى أن مدة حكم الملك خوفو تصل إلى 23 عاماً، وأن المصريين القدماء كانوا يحددون مدة حكم الملك بناء على تعداد الماشية الذي كان يتم كل عام في الدولة الحديثة، واعتقد العلماء أن التعداد في الدولة القديمة كان يتم كل عامين؛ ولذلك حددوا مدة حكم الملك خوفو بـ23 عاماً.
وقد كُشف في الصحراء الغربية عن محجر خاص بالمافت، وهذا هو اسم اللون الأحمر الذي كانت تحضره القوافل التابعة للملك لكي يستعمل أثناء بناء الهرم. وعثر داخل هذا المحجر على اسم للملك خوفو، بالإضافة إلى نص يشير إلى العام الـ27 من حكم الملك خوفو، وقد جعل هذا العدد العلماء يشيرون إلى أن الملك خوفو قد يكون قد حكم من 30 – 32 عاماً. ولكن حدث كشف آخر مهم جداً، وهو العثور على بردية في وادي الجرف بالبحر الأحمر، وتُعتبر أقدم بردية يعثر عليها في مصر القديمة حتى الآن. وتحكي البردية عن رئيس العمال الذي يدعى مرر، وقد ذهب إلى محاجر طرة أولاً ومعه فريق من العمال وصل عددهم إلى نحو خمسين عاملاً، وانضمت له فرق عمال أخرى وذهب إلى طرة، وبعد ذلك اتجه إلى سيناء، وهناك أشار إلى أنهم يعملون تحت إمرة المهندس عنخ خاف، الذي يحمل لقب المشرف على «راشي» وهذا الاسم بالهيروغليفي يعني «فم البحيرة»، وأنهم يعملون خلال العام الـ27 من حكم الملك خوفو، وقد يكونون قد ذهبوا إلى سيناء، وذلك لإحضار النحاس وعادوا إلى الهرم عن طريق منطقة راشي، واستغرق ذلك نحو يوم كامل، ونحن مختلفون الآن في مكان راشي، هل هو في هضبة الهرم أم في أبو صير. أما وظيفة عنخ خاف فقد تشير إلى أن هضبة الجيزة كانت مكاناً مشغولاً تمر به قوافل العمال والحجارة، وقد تكون مشغولة مثل ميناء الإسكندرية الحالي. وأنا أعتقد أن مدة حكم الملك خوفو تصل إلى 46 سنة، وأن تعداد الماشية كان يتم كل عامين وليس كل عام. هذه البردية تعتبر أكبر رد على المتشككين في بناء الهرم.
التعليقات