المملكة العربية السعودية دولة شرعية لا علمانية ولا إخوانية
فهد الفهيد
الواجب على الجميع نصرة هذه البلاد السعودية، لأن نصرتها نصرة للتوحيد، كما ذكر ذلك الشيخ ابن باز رحمه الله، وذلك بالنصح واعتقاد البيعة لحكامها، والسمع والطاعة لهم بالمعروف
من النصيحة للمسلمين عامتهم وأئمتهم، تذكيرهم بالثبات على الدين عند حلول الفتن، لقول النبي عليه الصلاة والسلام عندما ذكر الدجال وفتنته العظيمة قال بعد ذلك: (يا عباد الله فاثبتوا)، وفي هذا الزمن كثر دجاجلة الأفكار الضالة من أهل الشهوات والشبهات، مما يتعين دفع ضلالهم وشبهاتهم، وبيان الحق، والثبات على دين الله.
ومن الحق الذي لا يجوز طمسه أن بلادنا السعودية أُسست على التقوى من أول يوم من إنشائها قبل نحوٍ من ثلاثة قرون، وأنها قامت على دين الله، والعقيدة الصحيحة، وأن حكامها بدءا بالإمام محمد بن سعود رحمه الله ثم أبنائه وأحفاده إلى يومنا هذا هم أنصار العقيدة الصحيحة، فقد نشروا عقيدة التوحيد التي جاء بها نبينا صلى الله عليه وسلم، وجدّد الدعوة إليها الإمام محمد بن عبدالوهاب، يقول الشيخ ابن باز رحمه الله: (آل سعود، جزاهم الله خيرا، نصروا هذه الدعوة، هؤلاء لهم اليد الطولى، في نصر هذا الحق، جزاهم الله خيرا، ساعدوا، ونصروا، فالواجب محبتهم في الله، والدعاء لهم بالتوفيق).
هذه حقيقة معلومة لا يجوز إنكارها، ولذلك لا يجوز الالتفات إلى ما يروجه من شرق بهذه الدعوة، وأراد الخلاص منها، فادَّعى كما نشر ذلك في بعض الصحف أن قيام دولتنا السعودية ليس بسبب التمسك بالدين والعقيدة الصحيحة، لأن الدين في نظره سبب لسقوط الدولة السعودية الأولى، وقد ظلم في هذا، فحاشا لله ما سقطت الدولة السعودية الأولى بسبب تمسكها بالدين، وإنما بسبب ظلم واعتداء الأتراك كما هو معلوم، ويقول إن قيام الدولة السعودية كان (نتيجة لحركة كفاحية توحيدية تراجيدية)، معتمدا في ذلك على كاتب عُرِف عنه الضلال والحيرة والكلمات الخبيثة، وما كان له أن يتنقص بلادنا لأنها رهينة هذه العقيدة التي يسميها بجهله (الأيديولوجيا الشرعية) أو (السلفية التقليدية) وكأن الوطنية العلمانية أو الليبرالية أو الإلحادية لا عقيدة لها!. ويطالب هذا الكاتب وفريقه الذي معه باحترام (التعددية المذهبية كواقع تفرضه طبيعة الأشياء والتعايش معها)، مما يفتح الباب على مصراعيه للخوارج وجماعة الإخوان والتحرير والملاحدة وأنواع المعارضين والمخربين تحت دعوى التعددية.
وقابل هؤلاء فريق من جماعة الإخوان المسلمين، وحاولوا جاهدين أن يجعلوا بدعتهم الإخوانية تحل في هذه البلاد السلفية السنية.
وأقول لهذا الكاتب ولمن طار بكلامه فرحا من الجاهلين بحقيقة سنن الله تعالى الكونية والشرعية: لا تنكروا جميل نعم الله عليكم فيزيلها الله إلى غيركم، إن تحقيق الأمن في الأوطان والنصر على الأعداء يكون بعدة أمور، أهمها على الإطلاق: توحيد الله تعالى، وإخلاص العبادة لله تعالى، وهذا أول الواجبات وأعظم أصول الدين قال تعالى (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا)، وقال تعالى (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون)، والتوحيد الخالص لله في العبودية والألوهية هو دعوة جميع الرسل عليهم السلام، قال الله تعالى: (فاعبد الله مخلصا له الدين، ألا لله الدين الخالص)، والاعتصام به هو اعتصام بحبل الله تعالى وهو القرآن والسنة، كما قال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا...)، وهذا يتضمن التمسك بنصوص الوحيين والثبات على ذلك، ولزوم الجماعة والسمع والطاعة، وهذا من الأصول الكبار التي يعتمد عليها منهج السلف الصالح عملا بقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يرضى لكم ثلاثا، ويسخط لكم ثلاثا، يرضى لكم: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم).
والواجب على أهل الإسلام التسليم لنصوص الشرع، وعدم معارضتها برأي أو قياس عقلي، فضلا عن كتابات الجهال وأصحاب الأغراض الدنيئة، والواجب التحاكم في جليل الأمور ودقيقها إلى الشرع المطهر خلافا لما يدعو إليه الملاحدة الذين يدعون الناس إلى تحكيم القوانين والدساتير المخالفة للقرآن والسنة المطهرة، قال الله تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم)، ولا تجوز مخالفة منهج الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم لقوله تعالى: (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله).
ومن مناقب هذه البلاد المملكة العربية السعودية محاربة البدع والمحدثات في الدين والمذاهب الفاسدة والجماعات الضالة، فضلا عن المذاهب الكفرية، وتحذير الناس منها، فالبدع سبب الهلاك والخسارة، ولا يجوز إقرارها باسم التعددية المذهبية، ومنهج السلف يتضمن التمسك بالسنن والتحذير من البدع، عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة).
وجماع هذا الخير والمحافظة عليه يكون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالطريقة الشرعية، والأخذ على أيدي السفهاء وأطرهم على الحق أطرا.
فإذا عمل المسلمون بذلك في أي بلاد كانوا جنوا الآثار الحميدة والبركات العظيمة، ومنها:
أولاً: سلامة المعتقد، وهو أهم أسباب اجتماع القلوب على الحق بسبب التوحيد وصفاء العقيدة.
ثانيا: انتظام أحوال الناس وصلاحها إذا حكم بينهم بالشريعة، وأقيمت الحدود والعقوبات الشرعية، لأن لإقامة الحدود والتعزيرات الشرعية الأثر البالغ في نفوس الناس وفي تحقيق الأمن، كما قال تعالى: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون)، وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (حد يقام في الأرض، خير للناس من أن يمطروا ثلاثين، أو أربعين – صباحا). رواه الإمام أحمد، فلو ترك أهل الشر والفساد وما يريدون لأهلكوا الحرث والنسل والله لا يحب الفساد.
ثالثا: انتظام أمر الجماعة بالسمع والطاعة وانتظام مصالح الناس ومعايشهم خلافا للمناهج الحزبية الفاسدة والعلمانية الكاسدة.
فهذه البلاد السعودية حرسها الله نشرت مذهب السلف الصالح، وأبانت معالم التوحيد، ورفرفت بفضل الله تعالى فيها أعلام السنة النبوية، وظهر إحياء السنن، وعرف الناس الإسلام الخالص من الشركيات والبدع والخرافات، واجتمعت فيها الكلمة، وزالت الفرقة بفضل الله تعالى، ثم بجهود حكامها وعلمائها الصالحين، جزاهم الله خير الجزاء، كما قال الإمام محمد بن عبدالوهاب للإمام محمد بن سعود: لما قال له أبشر ببلاد خير من بلادك، وأبشر بالعز والمنعة؛ فقال الشيخ محمد بن عبدالوهاب: وأنا أبشرك بالعز والتمكين، وهذه كلمة لا إله إلا الله، من تمسك بها وعمل بها ونصرها مَلك بها البلاد والعباد، وهي كلمة التوحيد، وأول ما دعت إليه الرسل، من أولهم إلى آخرهم.
رابعا: الطمأنينة في المجتمع، ووحدة الكلمة، وترابط أفراد المجتمع، والشعور بالعلاقة الطيبة بين الحاكم والمحكوم، وهذه هي الوطنية الحقة التي تحفظ البلاد بدين الإسلام، وتحقق المصالح الدينية والدنيوية، وتبقي الرابطة الإسلامية، وتحفظ حق ولاة الأمور ومكانتهم، وحقوق من يقيم على أرضها ومصالحهم، وذلك أنه من منهج السلف الدعاء لولاة الأمور بالصلاح والإعانة والتوفيق ومحبة الخير لهم وصلاح بطانتهم وإبعاد بطانة السوء عنهم، والسمع والطاعة لهم في المعروف، ومن منهج السلف تحريم الخروج على ولاة الأمور ولو جاروا خلافا لطريقة الخوارج والمعتزلة ومن سلك سبيلهم من الجماعات المنحرفة كجماعة الإخوان المسلمين ومن سار في ركبهم ممن يسعى لقلب الحكم ومنازعة الحكام، وخلافا لطريقة العلمانيين والليبراليين الذين يرتمون في أحضان الكفار، ويخططون معهم للنيل من عقيدة أهل الإسلام، فوطنيتهم العلمانية تتضمن أنواعا من الباطل، فالوطنيون العلمانيون يتظاهرون بحرب الإخوان المسلمين وهم مثلهم إن لم يكونوا أردأ حالا منهم، وفي كلٍ شر.
فالواجب على الجميع نصرة هذه البلاد السعودية، لأن نصرتها نصرة للتوحيد، كما ذكر ذلك الشيخ ابن باز رحمه الله، وذلك بالنصح واعتقاد البيعة لحكامها، والسمع والطاعة لهم بالمعروف، والحذر من الخروج والتهييج عليهم، والإعانة والدعاء لهم، وإيصال المعلومات النافعة لهم، والدعاء لهم بالعزة والمنعة والتوفيق لقيامهم بالحق، وسؤال الله أن يبعد عنهم بطانة السوء من أصحاب الأفكار الضالة الإخوانية والعلمانية، والله أسأل أن يوفق خادم الحرمين الشريفين وسمو نائبه الأمين إلى كل خير.
التعليقات