وحيد عبدالمجيد 

 أثار إعلان الشرطة الفلبينية أنها تتابع عددا من أعضاء جماعة ماوية (تعتنق الماركسية وفق منهج الزعيم الصينى الراحل ماوتسى تونج)، بسبب ارتباطهم بمجموعة تابعة لتنظيم «داعش» استغراب مراقبين بسبب الاختلاف الجذرى بين الأفكار الشيوعية المتطرفة ومرجعيات الإرهاب الذى يعمل تحت لافتات إسلامية.

غير أن هذا الاختلاف، على أهميته، يحجب قاسما مشتركا بين المتطرفين، خاصة الأشد تطرفاً، فى مختلف الاتجاهات مهما كانت مرجعياتهم. فالكثير من هؤلاء الذين يحملون السلاح من أجل تحقيق أهداف سياسية يتشاركون فى تمردهم العنيف، وخروجهم على المجتمع، ورفضهم العمل السلمى سعيا إلى تحقيق ما يؤمنون به. فالتمرد الذى يدفع إلى القتل والتفجير يجمع الأكثر تطرفاً فى كل الاتجاهات، ويخلق مساحات مشتركة بين الإرهاب الذى ينتشر فى العالم الآن ويرفع أعلاماً سوداً، والإرهاب الذى انحسر فى العقود الثلاثة الأخيرة بأعلامه الحُمر.

وكانت التنظيمات الماوية المتطرفة أحد أهم مكونات الإرهاب الأحمر الذى انتشر فى الربع الثالث من القرن الماضى، واتخذ من «الكتاب الأحمر» المشهور لماوتسى تونج مرشدا له. ومازالت هناك أحزاب وجماعات تنهج هذا المنهج فى عدد محدود من بلدان آسيا وأمريكا اللاتينية. ويوجد أكبر هذه الأحزاب، وهى سرية بطبيعة الحال، فى الفلبين التى كان فيها حزب شيوعى تقليدى انقسم على نفسه عام 1950 (العام التالى لانتصار الثورة الصينية)، ثم سيطر الجناح الراديكالى الأكثر تشددا عليه بعد اتهام قيادته بأنها «تحريفية ستالينية» وتبنى وثيقة جديدة تضمنت برنامجا أُطلق عليه برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية، وانخرط فى عمل مسلح مازال مستمرا حتى اليوم، رغم دخوله فى مفاوضات مع الحكومة من وقت إلى آخر. ورغم أن هذا الحزب يُعد أحد أكثر الأحزاب الماركسية (والماوية أيضاً) تطرفاً، فقد انشقت عليه مجموعة أكثر تشددا عُرفت باسم «كتيبة أليكس بوناكاياو» فى ثمانينيات القرن الماضى. ولكن هذه المجموعة التى ظلت صغيرة لم تصمد طويلاً، وهناك شواهد على أنها تفككت، وربما عاد بعض أعضائها إلى الحزب الذى أُنشئوا عليه، واعتزل بعضهم الآخر، وظل فريق ثالث فى حيرة من أمره. والأرجح أن من أقاموا علاقات مع مجموعة تابعة لتنظيم «داعش» من هذا الفريق الثالث، وأنهم يبحثون عن مجال آخر يستوعب تمردهم.