أكرم مكناس

العديد من أصحاب الأعمال في الغرب ينظرون بشغف إلى عملية الخصخصة المرتقبة في المملكة العربية السعودية، ويتوجه سيل من المصرفيين الغربيين والمحامين والاستشاريين وخبراء العلاقات العامة إلى المملكة العربية السعودية، حتى أن أحدى الصحف كتبت أن «خصخصة عدد من أصول الدولة في المملكة العربية السعودية ستتجاوز بمراحل ثورة الخصخصة التي قامت بها رئيسة الوزراء البريطانية ماريغريت ثاتشر في ثمانينات القرن الماضي، كما تنافس بيع الأصول السوفيتية في الحجم والأهمية، خاصة وأن علامة (للبيع) عُلِّقت على كل قطاع تقريبا من الحياة الاقتصادية السعودية».
ويترقب المستثمرون إقليميًا وعالميًا، تفاصيل مشاريع الحكومة السعودية التي سيتم تخصيصها ضمن برامج رؤية 2030، حيث تعتزم المملكة جمع نحو 200 مليار دولار عبر بيع حصص في مؤسسات حكومية في 16 قطاعًا، دون أن يشمل هذا الرقم طرح أرامكو، ومن المتوقع البدء في خصخصة بعض الأصول هذا العام في 4 قطاعات هي الرياضة والكهرباء والمياه وصوامع الحبوب، وذلك ضمن خطط الحكومة السعودية للاعتماد على مصدرٍ جديدٍ للدخل، ربما يتفوق على المصدر الأساسي (النفط) خلال السنوات الثلاث القادم.
وفي الوقت الذي يعاني فيه جميع هؤلاء الخبراء والمستثمرين الغربيين من عدم قدرتهم على تحدث اللغة العربية وعدم فهمهم لبيئة الأعمال وقلة إدراكهم لحساسية الثقافة المحلية ينبغي علينا طرح السؤال حول ما إذا كانت البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى مستعدة لدعم المملكة العربية السعودية في نجاح عملية الخصخصة، مع جني الفوائد الضخمة.
يمكن القول بأن شركة أو مستشار بحريني سيكون فعالاً أكثر بعشر مرات من نظيره الغربي، فلدينا هنا مزايا عضوية مجلس التعاون الخليجي، وبالتالي تجنب العقبات التي تواجه التأشيرات وبيروقراطية التوظيف الأجنبية. وفي الوقت نفسه، يتوقع المستشار أو رجل الأعمال الأوروبي أن يحظى برحلات مجانية، والرعاية الصحية المجانية، والفنادق الخمس نجوم، وربما حتى أعلى جودة التعليم الخاص لأطفاله إذا كان سيقيم في السعودية على المدى الطويل.
اسمحوا لي أن أذهب إلى حد القول إن العديد من المستشارين والشركات الغربية هي طفيليات على اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي، إنهم يعتقدون أننا دول نفطية لديها الكثير من الثروة التي لا تعرف ما تفعل بها، وأننا لا نكترث إزاء إغداق الأموال على منتجات وخدمات عديمة الفائدة. أنا لا أدعي أن هذا هو الحال دائما؛ ولكن في كثير من الأحيان، حتى الشركات التي يبدو أن لديها نوايا حسنة تستنزف أموالنا أكثر مما تستحق، لأنها لا تفهم بالضبط بيئة دول مجلس التعاون الخليجي.
علاوة على ذلك، هناك حساسيات واضحة لنقل قطاعات مثل التعليم والمصارف وتوليد الطاقة إلى أيدي أجنبية، لا سيما إذا كان من الممكن إدارة هذه القطاعات ضمن سياق دول مجلس التعاون الخليجي، بل إن خطط الخصخصة والتنويع هذه يمكن أن تشكل خطوة كبيرة إلى الأمام في تحقيق التكامل الأكبر بين دول مجلس التعاون الخليجي، مع زيادة عدد الشركات ومقدمي الخدمات على المستوى الإقليمي.
لذا أتمنى أن نرى البحرين والشركات الخليجية في صف مساعدة المملكة العربية السعودية على تسهيل عملية الخصخصة من خلال تقديم المهارات التقنية والخدمات والخبرة.
ومع ذلك، لا ينبغي لنا أن نعمل فقط وفقا للمنطق القائل بأننا «كلنا إخوة وأخوات خليجيون»، وبالتالي يستحقون معاملة تفضيلية تلقائيًا، بل يجب على الشركات البحرينية أن تثبت أنها أفضل والأكثر مقدرة على تقديم خدمات ومنتدات استثنائية مقابل المال في سياق دول مجلس التعاون الخليجي الإقليمي.
وقد شهدنا على مدى العقد الماضي العديد من الشركات البحرينية التي تتنوع وتنمو على مستوى مجلس التعاون الخليجي، مستفيدة من حقيقة أن الشركات البحرينية غالبا ما تكون أكثر تنافسية وأكثرها استعدادا للعمل الجاد وتقديم أفضل النتائج، وأعتقد أنه إذا كنا مستعدين ولدينا الخيال والبصيرة لتحديد فرص جديدة، فإنه يمكن لنا أن نحقق موجة جديدة من التوسع للشركات البحرينية في جميع أنحاء المنطقة.
لقد مررنا بالفعل بأوقات اقتصادية صعبة؛ مع الانكماش الاقتصادي العالمي في العام 2008، واضطرابات العام 2011، وأخيرًا انهيار أسعار النفط، ولقد تحدثت إلى العديد من رجال الأعمال اليائسين بشأن إمكانية تحسن الأمور، ومع ذلك، حتى من خلال هذه الأوقات العصيبة، واصل القطاع الخاص البحريني التوسع بشكل مطرد وزيادة قوته، وأجبرتنا تلك الصعوبات على أن نصبح أكثر تنافسية ونقدم قيمة أفضل لعملائنا.
ومع التغيرات الهائلة التي تحدث في المملكة العربية السعودية والفرص الجديدة في جميع أنحاء المنطقة - يجب أن تكون الشركات المحلية البحرينية مستعدة لتقديم أفضل الخدمات الممكنة ضمن جزء صغير من تكلفة المنافسين الأجانب.
لكن يجب القول إن هذه التغييرات الاقتصادية التي تجري على مرمى حجر منا، في المملكة العربية السعودية الشقيقة، تحمل معها تحديا لنا أيضا هنا كرجال أعمال وكحكومة في البحرين، ويتوجب علينا أن نسأل أنفسنا: إلى أي حد سنبقى قادرين على جذب 11 مليون سائح سعودي سنويًا في ظل تركيز الحكومة السعودية على السياحة الداخلية وتوفير وجهات ترفيهية لمواطنيها؟، وإلى أي وقت سنستفيد من ميزة «الانفتاح الثقافي» للمجتمع البحريني في ظل توجه المجتمع السعودي لمزيد من الانفتاح والحديث مثلاً عن قرب السماح للمرأة بقيادة السيارة أو إنشاء دور سينما؟!
إذا تمكنا كرجال أعمال من إجراء متابعة لصيقة واستشراف التغييرات والمستقبل الاقتصادي للشقيقية السعودية بشكل دقيق جنبا إلى جنب مع الاستمرار في بناء قدراتنا وتطوير خدماتنا ومنتجاتنا، فإننا سنستطيع بالفعل دعم مسيرة التحول السعودي المنشود ونحصل في الوقت ذاته على الحصة التي نطمح إليها من الكعكة السعودية.